الفيلم الوثائقي المطران المناضل “المطران الفدائي” لرامي السعيد.. ندوة ثقافية عنه وعن العمل الفني “حارس القدس” في النادي العربي الفلسطيني
الجماهير – أسماء خيرو
أقام النادي العربي الفلسطيني بالتعاون مع اتحاد الكتاب الصحفيين الفلسطينيين ندوة ثقافية حول الفيلم الوثائقي (المطران الفدائي) للمخرج رامي السعيد الذي أنتجه لواء القدس عام ٢٠١٧، وحول مسلسل “حارس القدس” في مقر النادي في شارع اسكندرون، شارك فيها كل من ( د. عبد الحميد ديوان – الفنانة سلوى جميل – الفنان غسان الدهبي – الفنان أسامة عكام – الفنانة أديل برشيني – والمهندس باسل قس نصر الله- ورياض كبوجي ابن أخ المطران كبوجي) قدم وأدار الندوة أمينة تحرير صحيفة الجماهير للشؤون الثقافية بيانكا ماضيّة.
وافتتح الندوة الشاعر محمود علي السعيد بإلقاء قصيدة شعريّة لروح المطران كبوجي، ومن ثم تم عرض الفيلم الوثائقي الذي تناول المحطات الأساسيّة في حياة المطران النضاليّة المقاومة للعدو الصهيوني في مدينة القدس واعتقاله ونفيه.
وأوضح المهندس قائد لواء القدس محمد السعيد للـ”الجماهير”، بعد أن ألقى في بداية الندوة كلمة عن الدور الريادي للواء القدس في إنتاج الفيلم الوثائقي، ومسلسل حارس القدس: أن الندوة كانت حول حياة المطران، وأن الفيلم الوثائقي من إنتاج النادي العربي الفلسطيني ولواء القدس، وإخراج رامي السعيد، وهو فيلم يوضّح مسيرة المطران والعمل الفدائي والأعمال البطولية التي قام بها أثناء وجوده في مدينة القدس، ومساعدته الفدائيين ومناصرته القضية الفلسطينية، حتى سجنه ونفيه إلى مدينة روما، ومن ثم وفاته في ١/ ١/ عام ٢٠١٧،مشيراً إلى أن مدة الفيلم لاتتجاوز ٢٤ دقيقة، ويعد نموذجاً وثائقياً رائعاً تناول حياة المطران كبوجي المشرّفة، الفدائي البطل مطران القدس وسفير القضية الفلسطينية.
بدوره لفت المهندس باسل قس نصر الله مستشار مفتي الجمهورية العربية السورية إلى أنه سلّط الضوء في كلمته خلال الندوة على ما أسمته الكنيسة الكاثوليكية “لاهوت التحرير” وهو المفهوم الذي انبثق منه “لاهوت المقاومة والتحرير الفلسطيني”، وأن الندوة تحدثت عن أشياء ونقاط مهمة عن سيدنا المطران كبوجي، وركزت على مسلسل حارس القدس، مقدماً الشكر العميق للمعنيين والنادي العربي الفلسطيني وبيت الذاكرة الفلسطينية.
ومن جانبها بيّنت أمينة تحرير جريدة الجماهير ماضيّة أن عمل حارس القدس كان نقلة نوعية في تاريخ الدراما السورية، أعاد لها ألقها ووجهها الوطني المشرق بعد أن قاربت حكايات لاتمت إلى المجتمع الدمشقي العريق، كما في مسلسل “باب الحارة”، فمسلسل “حارس القدس” جاء في الوقت المناسب الذي ظهرت فيه عناوين التطبيع التي عرضتها قنوات عربية بعرضها أعمالاً تسعى إلى نشر ثقافة التطبيع. ولفتت إلى أن المسلسل بمفتاحي قراءته السيميائيّة (السكين والمفتاح) قدم الطريق الذي من خلاله سيتم تحرير القدس، وبمعنى آخر من غير المفتاح والسكين لا عودة لفلسطين، فبالمقاومة والنضال يتم تحرير الأرض المقدسة المغتصبة.
كما أبدى الفنان الدهبي سعادته العارمة لمشاركته بمسلسل حارس القدس، والندوة التي أتاحت له الحديث عن المطران كبوجي بعد انقضاء أربعين عاماً على لقائه الأول به، وأنه استمد ثقافته الفنية والمسرحية في بداية حياته من النادي العربي الفلسطيني، معبراً عن شكره العميق للكاتب والمخرح ولمؤلف الموسيقا التصويرية التي كانت الرافد الحقيقي لكل مشهد ولقطة في المسلسل.
فيما أشار الفنان عكام إلى أن مسلسل “حارس القدس” هو من الأعمال الخالدة التي قدمت الأحداث بأمانة وثائقية درامية وفنية عالية جداً، معبراً عن شكره لكل القائمين على العمل وعلى رأسهم المخرج باسل الخطيب الذي استطاع بخبرته العملية أن يعرّف الناس على رمز مقاوم وقامة فلسطينية حلبيّة المولد حملت الجانب النضالي والعرفاني والوجداني، وهي امتداد لوحدة التجربة الروحية النضالية لدى شعوب المنطقة العربية .
أما الأديبة برشيني التي ألقت خلال الندوة قصيدة شعرية، وتحدثت عن مشاركتها في المسلسل فقد قالت: أنا سعيدة اليوم بمشاركتي في الندوة التي تحدثت عن المطران المقاوم كبوجي الذي قدم حياته لأجل القضية الفلسطينية، وعزز دور المقاومة، وسعدت أيضاً بالفيلم الذي عرض في بداية الندوة. وأشارت إلى أن عمل حارس القدس الذي كان لها الشرف الكبير في أن يكون لها دور فيه، قد أشعل فيها وفي الجميع روح الوطنية من جديد وأنه كان لابد من إنتاج أعمال كهذه، لكي يتعرف الجيل الذي لم يسبق له معرفة شخصية المطران كبوجي على دوره في المقاومة الفلسطينية، مؤكدة ضرورة إحياء ذكرى هذه الروح الوطنية، ومتمنية من كتّاب الدراما السورية بأن يسيروا على نهج المخرج باسل الخطيب والمؤلف حسن م يوسف بتسليط الضوء على شخصيات وأعمال بطولية مشرفة. فالمجتمع اليوم بحاجة لمثل هذه الأعمال أكثر من أي وقت مضى ليقف في وجه المؤامرة التي تحاك ضد الوطن الغالي.
بعد ذلك قرأت أمينة تحرير جريدة الجماهير ماضيّة كلمتي الصحفيين اللبنانيين سركيس أبو زيد الذي قام بتسجيل ذكريات المطران كبوجي في السجن مع صديقه أنطوان فرنسيس، بعد خروج المطران منه، ومن ثم طبع هذه الذكريات في كتاب بعد وفاته حمل عنوان (المطران إيلاريون كبوجي … ذكرياتي في السجن). وكلمة الصحفي جان داية الذي كانت له ذكريات مع المطران كبّوجي.
ومما قاله أبو زيد: “كان المطران كبوجي رمزاً للحياة المشتركة، بقدر ماهو مطران مسيحي، فقد كان مسلماً لرب العالمين بالتقوى والتسامح، وكان مع حوار الحياة المسيحي الإسلامي ومع القضايا المحقة .إنه شخصية قومية بفكره ونهجه نحتاج إليها اليوم من أجل تحرير الأرض وحرية الإنسان، ومن هنا جاءت أهمية مسلسل حارس القدس الذي أعاد الاعتبار للمطران كبوجي، وكان دعوة من أجل إنتاج أعمال ومبادرات أخرى تكرمه وتعمم تجربته، لذلك أعمل مع مجموعة من الأصدقاء والمخلصين على تشكيل هيئة قومية لتكريمه ونشر تجربته الرائدة للأجيال الشابة. إنه قوة تحتاج اليوم للاستنهاض خاصة وأنه خصّنا أنا وصديقي أنطوان فرنسيس بإملاء ذكرياته علينا والتي صدرت في كتاب مع مقدمة من الصديق حسن حمادة وقد صدرت طبعة خاصة مع حفل تكريم في دمشق عن دار دلمونة للصديقة عفراء هدبا، نشكر فريق حارس القدس على عمله المبدع، ونشكر أهل حلب لأن ابنهم البار المطران كبوجي جمعنا وعلى طريقه نسير “.
ومما جاء في كلمة الصحفي جان داية: “فرحت حين طلبت مني الزميلة الكبوجيّة بيانكا المشاركة في هذه الندوة الحلبية التي يكرم فيها النادي العربي الفلسطيني حارس القدس ، وكيف لا أفرح وأنا أتشرف بالمشاركة في تكريم مجاهد كبير ضد تهويد القدس وعموم فلسطين في زمن تباهي بعض الحكام العرب في التطبيع مع سارقي فلسطين وعاصمتها، ويبقى أن المطران كبوجي كان في كل عمل وحوار يتغزل بحلب وناسها وقدودها وكرابيجها لذلك أقترح بنقل رفاته إليها في حفل مهيب يتم فيه إزاحة الستار عن تمثال له في إحدى ساحاتها أسوة بتمثال المطران جرمانوس فرحات”.
وختمت الندوة بكلمة لابن أخ المطران كبوجي رياض كبوجي شكر فيها النادي العربي الفلسطيني وقائد لواء القدس على هذه اللفتة الكريمة في إقامة هذه الندوة. مثنياً على دور كل من المخرج باسل الخطيب والكاتب حسن. م يوسف؛ لأنهما أسهما في تعريف الناس على جزء كبير من حياة المطران كبوجي لم يكن يعرف به أحد.
وعلى هامش الندوة التقت الجماهير ببعض الحضور؛ إذ قال المخرج صالح السلتي: إن الندوة كانت أكثر من رائعة، وهي تعكس حالة صحية وثقافية متمنياً عودة الحياة الثقافية من جديد لمدينة حلب، لافتاً إلى أنه كان يأمل أن يتاح له الوقت للمشاركة والتحدث عن عمله المسرحي الذي أنتج في عام ١٩٧٨ بعنوان “الحق المصلوب “والذي كان يسلط الضوء على حياة المطران كبوجي في المعتقل .
بينما قال رياض الخطيب من سكان مخيم “النيرب”: إن الندوة فيما يتعلق بالأعمال الفنية بنيافة المطران كبوجي قدمت عرضاً رائعاً عن تاريخ المقاومة الفلسطينية ودور المطران كبوجي في النضال وإبداع مفهوم اللاهوت الذي اشتقه المطران من معاناته ومن مقاومته ضد المحتل الصهيوني، مؤكداً وحدة أحرار العالم من مسيحيين ومسلمين في مواجهة الغزو الصهيوني للمنطقة العربية، واليوم يحتاج الجميع إلى مثل هذه القامات العظيمة لتكون قدوة ولنستمد منها العبر والدروس لمواجهة صفقة القرن، والمشاريع الإمبريالية كافة والتي تستهدف تفتيت المفتت من الأمة العربية.
وقد لاقت هذه الندوة التي حضرها كل من مدير المركز الإذاعي والتلفزيوني رئيس فرع اتحاد الصحفيين بحلب عبد الكريم عبيد، ومدير اعلام حلب سعد الراشد ومدير إذاعة حلب عبد الخالق قلعه جي، وعدد من الأدباء والشعراء والمثقفين وحشد من الحضور الثناء والاستحسان من الجميع، لإبرازها مفهوم المقاومة في سبيل التحرير.
ت: هايك اورفليان
رقم العدد ١٦٠٧٢