الجماهير – لجين الحاج حسن
طيرٌ يسافرُ في رؤى أفكاري
علّي أراهُ على شِفاهِ جراري
لأغب راح الروح من شهد اللمى
وأذوبَ سُكْراً سَاعَةَ الإفطَارِ
خبّأتُهُ في رَجْعِ صَوتيَ غِنوةً،
أُنشُودةً في بُحَّةِ المِزمَارِ
علّي أراهُ كنجْمَةٍ عندَ الضّحى
وضّاءَةٍ في مَبسَمِ الأسحَارِ
طيفٌ يمرُّ على فؤادي خِلسَةً
لحنَاً جميلاً مُرهَفَ الأوتَارِ
عَبَقُ الطّيوبِ يَفوحُ من أنفَاسِهِ
وَسَنَاهُ بدرٌ هلَّ بالأنوارِ
كم ليلةٍ ناغى خياله خاطري
طفلاً يداعبُ بالهوى أشعاري
وكتمت شوقي إذ رأيت جفاءه
وأخذت موعظةً من الصّبّارِ
آنستُ ناراً من حنايا قلبِهِ
أخفيتُ ما بي خشيةَ الإمطارِ
سافرتُ فيه ألفَ بحرٍ لم أخَفْ
كالسّندبادِ عواقبَ التّيَّارِ
ذوّبْتُهُ وأذابني وأباحَ لي
ما كان يخفيهِ منَ الأسرارِ
أهديتُ روحَه من عيوني دمعةً
فترمّلَتْ من فيضها أزهاري
ونعيتُ ما خبّأتُهُ في خافقي
ودفنْتُ في جبِّ الهوى أسراري
أنا كالرّمالِ يثيرني بنزاقةٍ
عشقٌّ ويحملني مع الإعصارِ
كيف اختفيت عن العيون بقسوة
وتركْتني في غابةِ الأقدَارِ
وقَصَصْتَ جُنْحيَ اللذين تعوّدا
معكَ الرّحيلَ لعالمِ الأسفَارِ
أنا لن أعودَ كما تقولُ: حبيبةً
أو أنْ أكونَ رهينةَ الأعذَارِ
لا ليسَ بعدَ الآنَ تقبلُ وردةٌ
أنْ تحتويها علبةُ العَطّارِ
أنا حرّةٌ كالنّورِ أسمو عَالياً
في دوحَةِ العُشّاقِ والأبرارِ
خذْ ما تشاءُ ودعْ فؤاداً عاشقاً
يزهو لأكملَ في الهوى مشواري
رقم العدد ١٦١٠٤