وثائقي (رجال المعجزات) عملية تحرير تلول الصفا.. الوهم الأمريكي الذي بدّده الجيش العربي السوري وقواته المسلّحة مع سراب تلك المنطقة

 

الجماهير- بيانكا ماضيّة

(رجال المعجزات) الفيلم الوثائقي الذي قدّمته الإدارة السياسية في الجيش العربي السوري والقوات المسلحة، تعليق معن الجمعات، سيناريو إبراهيم حسن، وإخراج معتز سليمان يعقوب، والذي يظهر الآلية العسكرية والتكتيكات التي تمت فيها عملية تحرير تلول الصفا. هذا الفيلم الوثائقي الذي تم عرضه مؤخراً في قناة سورية دراما، والذي يُظهر إيمان المقاتل بوطنه وأرضه وقائده يؤكد أن هذا الإيمان هو الذي يحقق المعجزات، وهو الفيصل في معركة سورية ضد الإرهاب والاحتلال الأمريكيين…فتلول الصفا التي ظنت أمريكا أنها تورا بورا سورية، وأن بتحويلها إلى مايشبه مثلث برمودا سيبتلع كل من يفكر من الاقتراب منه، استطاع الجيش العربي السوري بالتنسيق والتناغم بين مختلف صنوف القوات، أرضاً وجواً، من تحريرها وتحقيق النصر على السرطان الأمريكي/ داعش.
إن الانتصار الكبير الذي حققه الجيش العربي السوري في تلول الصفا كان ذا رسائل متعددة، أهمها تلك الرسالة الموجهة لرعاة الإرهاب وداعميه ومفادها أن القرار السوري السياسي والعسكري، قرار حازم وحاسم، وأن اجتثاث الإرهاب من جذوره على كامل الجغرافية السورية هو المؤكد والحتمي في هذه المعركة المصيرية، وهو ما وعد به السيد الرئيس بشار الأسد شعب سورية في غير مناسبة ولقاء.
فمحور العدوان على سورية الذي خال أن الجيش العربي السوري لايستطيع دحره والانتصار عليه، استطاع أن يدحره من أكثر المناطق وعورة وصعوبة، من منطقة تلول الصفا.
فكيف تم تحرير تلول الصفا من الوجود الداعشي؟!
يشير هذا الفيلم الوثائقي إلى أنه في تلك المنطقة المعروفة بتضاريسها الجغرافية المعقدة والوعرة، والتي شكّلتها حمم البراكين قبل آلاف السنين، خطط محورُ العدوان على سورية؛ لإقامة قاعدة إرهاب متقدمة تمنع إرساء الأمن والاستقرار في الجنوب السوري، وتستنزف طاقات الجيش وتشتت جهوده. وإلى أن الأمريكيين ظنوا بأن تلول الصفا بمغاويرها وجبالها ستكون تورا بورا سورية تلك التي عجزوا عن السيطرة عليها في أفغانستان لسنوات طويلة، رغم استخدامهم أم القنابل التي يعتبرونها فخر ترسانتهم العسكرية، فقد كانت تلول الصفا منطقة إستراتيجية لعناصر تنظيم داعش، لقربها من منطقة التنف التي أقام فيها الأمريكيون قاعدة عسكرية في معبر التنف الحدودي بعدما احتلوا بقطعان إرهابييهم المسلحين جزءاً من البادية السورية، إذ استقطبوا الإرهابيين الفارين من ضربات الجيش، وسلّحوهم ودرّبوهم، وأجروا معهم مناورات مشتركة، وأمّنوا طرق تسللهم إلى القاعدة الرديفة في تلول الصفا.


فمن قاعدة التنف كان الإرهابيون يتلقون الدعم اللوجستي والعسكري من قبل القوات الأمريكية الموجودة فيها.وقد اعتقد الأمريكي بأن ليس هناك قوة في العالم تستطيع اقتحام الكهوف الموجودة في تلول الصفا، فكانت ملاذاً آمناً لتنظيم داعش يستطيع التحرك فيها كيفما يشاء وينطلق منها نحو قرى السويداء وريف دمشق ونقاط الجيش القريبة. وهذا ماتم حين أوعز المشرفون على إرهاب التكفيريين المسلحين لمرتزقتهم بتحويل الكهوف والوديان الممتدة على نحو عشرات الكيلومترات إلى ثقب أسود انطلقوا منه لمهاجمة السكان الآمنين في تلك المناطق. ففي الخامس والعشرين من تموز عام 2018 هاجم الإرهابيون من تنظيم داعش، وتحت جنح الظلام، عدداً من قرى السويداء، فارتكبوا المجازر المروعة التي يندى لها جبين الإنسانية بحق سكانها الآمنين، وقاموا بخطف العشرات من المدنيين من النساء والأطفال من قرية شبكي ليتخذوا منهم دروعاً بشرية.
رد الجيش!.
يرينا الفيلم الوثائقي أن ردّ الجيش لم يكن إلا سريعاً بعد قيام تلك التنظيمات بالقتل والذبح والخطف، فحرّر القرى التي استباحتها داعش، وقام بتأمينها وحدّد هدف عملياته الأساسية في المرحلة اللاحقة بالحفاظ على سلامة أهلنا المخطوفين وتحريرهم. فكيف تمت عمليات التحرير؟!
حاصرت وحدات الجيش تلول الصفا من الاتجاهات الجنوبية والغربية والشمالية، وتولّت من خلال الرصد مراقبة الاتجاه الشرقي الرابع المفضي إلى قاعدة الاحتلال الأميركي في التنف وإلى بادية حمص الشرقية. وثبّتت مواقعها على مشارف تلول الصفا، وقام سلاحا المدفعية والطيران بالتمهيد الناري على تحصينات إرهابيي داعش في المغاور والكهوف التي خفّفت من عمليات القصف والتمهيد. ومن خلال هذا التمهيد وبجهود الجيش ومتابعة الجهات المعنيّة تم في العشرين من تشرين الأول تحرير دفعة من المخطوفين وهم امرأتان وأربعة أطفال من أصل المختطفين التسعة والعشرين.
ومن ثم قامت وحدات الجيش بقطع جميع طرق الإمداد عن الإرهابيين ومنعهم من الوصول إلى تجمع مياه سد هاطيل الذي كان أهم مواردهم المائية، مع استمرار المراقبة الدقيقة لمحاور الهروب المحتملة على اتجاه التنف.
وفي الثامن من تشرين الثاني نجحت وحدات الجيش برصد وتتبّع رتل للإرهابيين

خرج عبر منطقة التنف باتجاه عمق البادية السورية، وبعملية بطولية اشتبكت معه في منطقة حميمة شمال شرقي تدمر، وقتلت جميع عناصره وحررت باقي المخطوفين. تحرير المخطوفين من أيدي إرهابيي داعش سمح للجيش بالاندفاع نحو تحرير تلول الصفا، فما كان منه إلا أن زاد من الضربات المركزة لسلاح الجو على مراكزهم المرصودة ليكبّدهم خسائر فادحة في العتاد والأفراد.
أسباب وعوامل النصر وتحرير تلول الصفا!.
في تلك المنطقة التي توصف بوعورتها، وبسبب وجود الجروف الصخرية التي تمركز فيها الإرهابيون من تنظيم داعش كانت المواجهة مباشرة بين رجال الجيش وأولئك الإرهابيين، ولأن داعش ومشغليهم كانوا يراهنون على استحالة وعدم مقدرة الجيش العربي السوري على دخول هذه المنطقة الواسعة المساحة، راهنت القيادة السياسية على مقدرة الجندي السوري وبطولته وشجاعته النادرة في أن يصبح في عمق تلك المنطقة، فاقتحم هذا الجندي بشجاعة قلّ نظيرها عمق الوديان البازلتية والجروف الصخرية حيث الحصون الأخيرة لإرهابيي داعش، ساعدهم على تحقيق المهام الموكلة بدقة ونجاح ذالك التعاون والتنسيق الدقيق بين مختلف صنوف الأسلحة، إضافة إلى تحدي رجال المشاة تلك الجغرافيا الوعرة التي جعلت من حركتهم صعبة جداً، ومن حركة الآليات شبه مستحيلة، فنجحت وحدات الجيش في التعامل مع عشرات القنّاصين الذين اعتلوا القمم البازلتية واختبؤوا بين الصخور الصلبة.
أما الأمر الذي كان له الدور الكبير في اختصار الزمن، فهو تقدم وحدات المشاة وشقّ طريق حربيّ لتسهيل دخول الدبابات والأسلحة الثقيلة وشاحنات الإمداد والتموين، رافقه تقدم الآليات وسرعة الإخلاء والإمداد، فكان الاعتماد كبيراً جداً على العنصر البشري في إيصال الغذاء والماء والدواء والذخيرة للعناصر، وإخلاء الجرحى والشهداء. وكذلك اشتراك سلاح الجو في هذه العمليات والمنافسة بين النسور الطيارين على أداء المهمات الصعبة..
ونتيجة هذه العمليات الدقيقة، ومن خلال التناغم والتنسيق بين كل صنوف القوات تم تحرير 380 كليومتراً مربعاً من تلول الصفا.
مايثير الانتباه في هذا الفيلم الوثائقي هو أن الجيش في تحريره تلول الصفا قد استخدم أسلوب حرب العصابات في تعامله مع الإرهابيين الموجودين فيها، يتقدم صفوفه ضباط قادة برتب عسكرية عالية على رأس مجموعات صغيرة من الجنود، وأحياناً يتم الالتحام مع الإرهابيين وجهاً لوجه فيباغتهم عناصر الجيش في مغاورهم وكهوفهم المنيعة، وبذلك استطاعوا السيطرة على كامل المنطقة وبالتالي تحرير المخطوفين من الأطفال والنساء من أيدي الإرهابيين المجرمين.
لقاء السيد الرئيس بأهالي المخطوفين!.
وبعد تحرير مخطوفي قرى السويداء كان لقاء السيد الرئيس في نهاية المطاف بأهاليهم، الزغاريد كانت تعم المشهد، ودموع الفرح لاتضاهيها دموع، ولكن لمن يعود الفضل في تحرير المخطوفين وتحرير كل شبر من أرض سورية؟! هذا ما أشار إليه سيادة الرئيس في ذلك اللقاء، فمن يستحق الشكر لهذا التحرير هو الجيش العربي السوري وقواته المسلحة وكل من حمل السلاح ودافع عن هذا البلد.
هنا تبدّد الحلم الأمريكي!
على تلول الصفا، وفوق الجروف والتلال البازلتية القاسية أعطى الجيش العربي السوري لأمريكا درساً لن تنساه، إذ تبدّد بفضل شراسة وقوة وإرادة هذا الجيش ذاك الحلم الأمريكي الصهيوني بتحويل تلول الصفا إلى مايشبه مثلث برمودا…
أبطال تحدوا وكسروا شوكة هذا الأمريكي، وقلبوا السحر على الساحر بأن اقتحموا وسيطروا وجعلوا بتضحياتهم وقوتهم التي كان لصنوف الأسلحة تنسيقها ودعمها فيما بينها، الدور الأكبر في أن يبتلع مثلث برمودا، تلول الصفا، الإرهاب وداعميه وكل أوهامهم وأحلامهم التي تبددت مع سراب تلك المنطقة..


هذا النصر الكبير لرجال الجيش العربي السوري وقواته المسلحة في تلول الصفا، سيجعل من أمريكا تفكر مليون مرة قبل أن تقدم على أن تعيد ظهور داعش في غير مكان، داعش هذا السرطان المتحرك التي أرادته أمريكا قابلاً للاستعمال عند الضرورة، لأن استئصاله من تلول الصفا في عمليات تعد من أصعب عمليات الاستئصال له، سيكون درساً لأمريكا في كيفية القضاء على إرهابها المصنّع من خلال شراسة واستبسال الجيش العربي السوري، درساً مفاده أن لاقوة تستطيع الوقوف في وجه الجيش العربي السوري حتى تحرير كامل التراب السوري من رجس هذا الإرهاب.
خاتمة
هذا الفيلم الوثائقي (رجال المعجزات) الذي وثّق لمعركة مهمة من معارك الجيش العربي السوري مع داعش وأخواتها في تلول الصفا، يجب أن يكون على غراره أفلام أخرى توثق كل هذه البطولات والملاحم التي قام بها الجيش العربي السوري، لتدرس في مرحلة متقدمة للأجيال وفي الكليات الحربية، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن يقوم الإعلام الوطني بعرض هذه الأفلام الوثائقية على شاشاته واستضافة محللين سياسيين وعسكريين يقومون بالشرح المستفيض والتأكيد على بطولة هذا الجيش الذي ورث جينات البطولة والفداء بجسده ودمه لتحرير أرضه من كل محتلٍ غاشم.
رقم العدد ١٦١٢٢

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار