بالعزيمة والإصرار وحب الحياة استطاعوا التغلب على إصابتهم …جرحى الوطن يروون حكاية تفوقهم في شهادتي الثانوية العامة والتعليم الأساسي

 

الجماهير – هنادي عيسى

لم تكن معركة دفاعهم عن وطنهم هي المعركة الوحيدة التي كان عليهم خوضها بل كان لديهم معركة أخرى مع ذاتهم وإثبات وجودهم وأنهم قادرون على التحدي وصنع أحلامهم بثقة وثبات ..

جرحى الوطن ممن أصيبوا في ساحات القتال هؤلاء الأبطال على تنوع إصابتهم قرروا متابعة حياتهم رغم إصاباتهم بكل عزيمة وإصرار…

” الجماهير ” التقت بعض هؤلاء الأبطال ممن تفوقوا في شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة.

قوة الإرادة وعدم الاستسلام يقودان للنجاح

– الطالب الجريح أمجد علاوي 29 عاما أصيب في حرستا عندما كان يحمل صديقه العسكري المصاب إلى سيارة الإسعاف فسقطت قذيفة فقد على أثرها بصره يقول : كانت هذه الإصابة الثالثة لي و بعد أن أصبت وجلست في المنزل لم استسلم لإصابتي بل قررت أن أتابع تعليمي الذي كان متوقفا منذ 15 عاماً بسبب ظروف الحياة والوضع الاجتماعي الذي كان يتطلب مساعدة الأهل وإعالتهم والبداية كانت في الجمعية السورية للوقاية من العمى حيث تعلمت طريقة البرايل وهي طريقة لكتابة المكفوفين وكيفية استخدام اللابتوب والموبايل عن طريق الناطق وبعد سنتين من مشروع جريح وطن قدم لي المساعدات من أجل موضوع الدراسة ودرست الصف التاسع ونجحت وكان ترتيبي الثاني على جرحى الجيش ثم أجريت سبر معلومات للصف الأول والثاني الثانوي وقدمت الثانوية العامة ونجحت بمجموع 2101 .

ويضيف : دراستي كانت عن طريق السمع حيث كان الأساتذة يقومون بتسجيل الدروس على الجوال وعند عودتي للمنزل ادرس ما سجل سماعياً وأعيد دراسته حتى أحفظه ووالدتي كانت تراجع معي الدرس وكان هناك صعوبات في البداية ولا استطيع رؤية الدرس ولا الكتابة لأنه شيء جديد بالنسبة لي ولكن مع الإرادة استطعت تجاوز هذه الصعوبات وأصبحت ادرس سماعيا عن طريق اللابتوب والموبايل .

ويتابع الجريح علاوي : عودتي للدراسة جاءت كي أملأ وقتي وأحصل على شهادة علمية والعودة للدراسة أمر صعب وليس بالسهل بعد انقطاع طويل وخاصة مع تطور المناهج وتغييرها , وطموحي أن أدرس الحقوق وأصبح قاضياً وأصعب ما عانيته خلال الدراسة كان عدم تمكني من الرؤية إذ أن هناك أشياء يجب أن تراها كالخريطة مثلا فكيف ستصل الفكرة إلى وأنا بهذا الوضع فكنت أتعلم رسم الخريطة على وجهي أو رجلي أو الطاولة لتكون قريبة من مخيلتي وعند الامتحان كان هناك مستكتب هو يسألني السؤال وأنا أجيب عليه . كما أنني بعد إصابتي شاركت في مسرحية (لستُ عالة) وتعلمت العزف على العود.

من جانبها قالت زينب ميمي والدة علاوي : أمجد تعرض لإصابتين قبل إصابته الأخيرة والتي فقد فيها بصره وكانت صدمة قاسية بالنسبة له ولنا وبعد جلوسه في المنزل حاول ألا يستسلم لإصابته وطلب مني المساعدة أراد أن يشعر بوجوده ويمارس حياته وكان الأمر صعبا عليه في البداية لكن قوة إرادته كانت أقوى وجعلته يصل إلى ما وصل إليه وهو في المنزل يعتمد على نفسه وواجبي كواجب أي أم تجاه ابنها حتى لو كان بكامل صحته وعافيته .

التفاؤل بالحياة واثبات الوجود

– الطالب الجريح محمد خان شيخون وأثناء تأدية خدمته العسكرية تعرض لإصابة في حقل الشاعر أدت به الى شلل سفلي وعجز تام عن الحركة يقول : إصابتي لم تكن حاجزاً بيني وبين إكمال حياتي وهي رغم أثرها إلا أنها لم تمنعني عن إكمال دراستي إذ أني أردت أن أثبت وجودي وأحقق شيئاً لنفسي لأن الجلوس في المنزل والوقوف على أطلال الماضي لن يفيدني بشيء فقمت بالعام الماضي بالتقدم لشهادة التعليم الأساسي وحصلت عليها ثم خضعت لسبر معلومات في الصف الأول والثاني الثانوي وقدمت هذه السنة على الشهادة الثانوية العامة الفرع الأدبي وحصلت عليها بمجموع 1950 :

يضيف شيخون أرغب بدراسة الحقوق وإنجاز شيء لنفسي وتفاؤلي بالحياة وإرادتي التي لم أتخلى عنها كانت دافعا لي للتقدم وإنجاز ما أريد إضافة لمساعدة وتشجيع أهلي وأصدقائي ، كما أن الفضل في هذا النجاح يعود للأمانة السورية للتنمية والتي قدمت لنا كل المساعدة التي احتجناها من أساتذة ودراسة ومواصلات وكل ما يتعلق باحتياجاتنا .

القناعة والإيمان

– الطالب عبد السلام عبد الرزاق أدت إصابته لعجز تام ناجح في الصف التاسع بمجموع 1962 يقول : يعود الفضل في نجاحي للأمانة السورية للتنمية التي لولا اهتمامهم ورعايتهم لما كنت قد فكرت في إكمال دراستي إذ قالوا لنا هناك منح للشخص الذي يرغب بإكمال دراسته عندها فكرت جيدا أنني يجب أن ادرس وأملأ وقتي بشيء مفيد فأخبرتهم أني أريد إكمال دراستي التي كنت قد توقفت عنها منذ عام 2010 وهم قدموا لي كل المساعدة من أساتذة ومتطلبات ووسائل نقل إضافة لمساعدة أهلي وتشجيعهم لي وتعبهم معي .

و يضيف إصابتي لم تؤثر على دراستي طالما أني مقتنع بما أقدمه وأفعله وإيماني بمشيئة الله وما قدره لي، ومن الصعوبات التي واجهتني أثناء الدراسة كانت المرض إذ بقيت لمدة شهرين في المشفى ولدي رغبة بإكمال ما بدأته.

– الطالب المصاب زاهر عبد الجواد يبلغ من العمر 25 عاماً أصيب في معارك الريف الغربي وأدت إصابته لبتر في الساق اليمنى يقول : بعد إصابتي أخبرت أهلي أنني أرغب بإكمال دراستي وهم قاموا بمساعدتي وتشجيعي وأبي وأخي لم يتركوني وقدموا لي كل ما احتاجه من مساعدة وإصابتي كانت حافزاً لنجاحي .

من جانبه قال والده أنه كان مصمماً على متابعة الدراسة وكنا نشجعه وقدمنا له الأدوات العلمية التي ساعدته ووفرنا له الجو المناسب للدراسة واستطاع أن يتفوق على إصابته رغم المعاناة والألم ويقدم على شهادة التعليم الأساسي وينجح بها علما أنه منقطع عن الدراسة منذ فترة طويلة .

لم تمنع قوة الإصابة والألم هؤلاء الأبطال من متابعة رحلة الكفاح في سبيل تحقيق أحلامهم وطموحاتهم بل كانت دافع ومحفز قوي لهم للاستمرار والبقاء في معارك الحياة وبإن يكونوا قدوة لزملائهم الجرحى .

ت : هايك أورفليان

رقم العدد 16136

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار