فن السخرية في أدب حسيب كيالي في محاضرة لاتحاد الكتاب العرب

الجماهير – عتاب ضويحي

أقامت مديرية ثقافة حلب بالتعاون مع فرع حلب لاتحاد الكتاب العرب محاضرة بعنوان “فن السخرية في أدب حسيب كيالي” للباحث محمد قرانيا بدأها بالحديث عن الأدب الساخر الذي تتطلب ماهيته أن يجعل الكاتب من نصه الإبداعي خلطة سرية تجمع بين اللغة وتعابيرها والفكرة والفن، وذلك باصطياد “المفارقة” في “المشهد” الواحد وتضخيم العيوب المادية والنفسية، كالذي يجسد في لوحة الكاريكاتير أو في أدب النكتة الشفوية، وقد برع حسيب كيالي في رسم مثل هذه اللوحات بكتاباته الساخرة والتي قد ترتبط بأحداث عامة لها صخب شعبي، أو بأحداث خاصة عابرة مقتضبة من الواقع اليومي الحي، يصوغها الكاتب بأسلوبه الفريد “لغة ثالثة” تمزج بين اللغة الفصيحة ولغة الشارع البسيطة.
وصف الدكتور عبد السلام العجيلي الكاتب كيالي بأنه” شيخ الساخرين وجاحظ القرن العشرين ” وامتاز أسلوبه والكلام للمحاضر بالاستطراد على طريقة أديب العربية الأول” الجاحظ “وعاين الكاتب البيئة الشعبية السورية في مرحلة الخمسينيات ومابعد، واتخذ منها مجاله الواسع وحولها لعالم من الحكايات والقصص الحية التي تهز الوجدان بأجوائها الماتعة، يسردها بذكريات فيها كثير من أوراق الماضي الموشاة بالحنين والشوق إلى عالم نقي، يرسم فيها عالما ثريا خصبا،بلغة مجبولة بألسنة الناس العاديين، نابعة من بساطة الحياة وبراءة الهاجس الشعبي المشحون بالفطرة، وكل قصة وحكاية تحكي حال شخصياتها وتقترب من القارئ وتبوح بسيرتها وتسعى من البداية إلى النهاية للمصالحة أو المهادنة.
وتابع المحاضر حديثه حول الكاتب كيالي الذي شق في الأدب المعاصر طريقا للفن الساخر في سورية والذي لم يكن معروفا من قبل إلا لدى قلة من الكتاب العرب من أمثال إبراهيم عبد القادر المازني.

وعن سخرية الكاتب كيالي قال قرانيا إنها امتازت بعفوية مطلقة، قوامها طبع غالب، انعكس على حديثه العادي، كما انعكس على أدبه بإيقاع تصويري وفني جديد في زمنه، يستوعب في عمق اللحظة، ويستكشف عبر طبقات الشعور الإنساني محنة المعاناة الاجتماعية، ويستحضرها بمداد الذاكرة الوجدانية والحسية، وبقدر ماكانت سخريته مزعجة للكتاب فقد كانت مقبولة لدى العامة، محببة للنفس تنم عن طرافة وظرف، ويعتبر كيالي مبدع الملحمة الشعبية الجديدة لحياة الناس اليومية في المدن التي عاش بها “إدلب، دمشق ودبي” إذ كان يتابع بشغف تفاصيل الحياة اليومية ليس بحثا عن النكتة وحدها، وإنما بهدف إظهار السلوك الموروث للناس.
وامتاز كيالي عن غيره من الساخرين بأنه قارئ نهم وفطن، ومن طرافة سخرياته الثقافية براعته اللغوية في تحريف أسماء بعض من يسخر منهم، بدعابة وسخرية وتهكم تبعث على الضحك.
وماتركه الكاتب حسيب كيالي في قصصه ورواياته دليل على إصراره على أن يكون أبناء إدلب أهم الشخصيات في عالمه الأدبي والقصصي.
وختم المحاضر بالقول إن حسيب كيالي كان بحق أديب الناس، والناطق باسمهم بلا منازع فكتب بلسان حالهم، ونطق بمنطوقهم، وعبر عن رغباتهم وأحلامهم، وكانت لغته الساخرة “الوسطى” الأقرب إلى فهم القارئ والأقدر على جذبه.
وتخلل المحاضرة مداخلات من الحضور المتابع للشأن الأدبي وحضرها أحمد زياد محبك رئيس فرع حلب لاتحاد الكتاب العرب وقدمها أسامة مرعشلي.
ت – هايك أورفليان
رقم العدد ١٦١٨٤

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار