الجماهير – بيانكا ماضيّة
بكثير من شدّ أعصاب، وتوازن، وتحكّم بنبرة الصوت، وإخفاء الألم الذي يقطع نياط القلب، قالت:
– افعلوا ماشئتم به، لأنه مذ أن أعلمني أنه لم يستطع أن يصوب بندقيته تجاه أحد منكم حين كان على الجبهة ماعدت أستطيع رؤيته، كرهته، وكذلك كرهه أهله، لأنه خان القسم!.
كان هذا هو جواب زوجة جندي تم أسره من قبل إحدى المجموعات التكفيرية، الكافرة، وقد اتصلوا بها طلباً للفدية، فإما أن تدفعها وإما أن يقتلوا زوجها..
تمعّن قائد المجموعة بوجه الجندي، نظر في عينيه وقال له:
-زوجتك تقول أن نفعل بك مانشاء لأنك خنت القسم فلم تقتل أحداً منا حين كنت على الجبهة، فلقد كرهتك وكذلك أهلوك!
للوهلة الأولى كاد الجندي يستشيط غضباً لتخلّي زوجته وأهله عنه، لكن برودة سرت في جسده، إذ أنه لم يقل يوماً هذا الكلام لا بل كان من أشرس المقاتلين على الجبهة.
رد الجندي على قائد المجموعة: كلامها صحيح فافعلوا بي ماتشاؤون مادمت لم أعد مرغوباً من قبلها ومن قبل أهلي.
رد عليه قائد المجموعة: وهذا مانريده، اذهب أنت حرّ.
حين خرج إلى الطريق، اتصل الجندي بزوجته ليقول لها: يا الله كم أنت بارعة، أنا حرّ الآن.
كان قلب الزوجة يتفتت شوقاً لزوجها الذي كادت الرصاصة أن تكون في قلبه، وكانت عيناها تغرورقان بالدموع!.
رقم العدد 16185