” أصداء المرأة في المأثورات الشعبية الحلبية ” بمحاضرة لاتحاد الكتاب العرب

الجماهير – عتاب ضويحي

أصداء المرأة في المأثورات الشعبية الشائعة في حلب “عنوان المحاضرة التي قدمها الدكتور محمد حسن عبد المحسن، ضمن نشاط فرع حلب لاتحاد الكتاب العرب السنوي.
استعرض المحاضر من خلال تقديم كم واسع من الأمثال الشعبية بمنطوقها الحلبي أحوال المرأة المختلفة، باعتبارها محور العلاقات الاجتماعية، ودورها في الحياة لايمكن تجاوزه.
وأوضح المحاضر اختلاف النظرة للمرأة بحسب موقعها الأسري، وتبعاً لدورها، ففي حين كانت ذات شأن خطير عند بعض الشعوب نجدها أقل شرائح المجتمع منزلة عند شعوب أخرى، والسبب يعود لعدم توازن القيم في تلك العصور.
وقد شغلت المرأة حيزاً كبيراً في المأثورات الشعبية في حلب، واستحوذت على مايقارب نصف ماقيل عن الأسرة، فالحلبيون ارتبطوا ارتباطاً شديداً بأمهاتهم، فعندهم “الأم بتلم” ويصورون شدّة هذا الارتباط ومتانته في مثلهم “جواب المصري في تمو، وجواب الشامي في كمّو، وجواب الحلبي عند أمو” وينصحون بكسب رضاها “لاتزعل أمك كو إذا دعت عليك العرش بنهز ويقول آمين” ويرون أن موت الأم أشد تأثيراً في الأبناء من موت الأب “من بعد الأم احفور وطم”.
وعن عمل المرأة قال المحاضر إن المرأة لا يطلب منها سوى الاهتمام بشؤون منزلها ورعاية أولادها، ولا عمل لها خارج المنزل بسبب حياة المجتمع الحلبي التجارية، واستئثار الرجل وحده بالإنتاج، ولو تعلمت المرأة في القليل النادر حرفة، فمن أجل خدمة أسرتها ومن أمثالهم” الإبرة بإيد البنت مثل الرمح بإيد الفارس”.
وحين تعمل المرأة الحلبية للآخرين تشغلها عن شؤون بيتها، لايرتاحون لها ولعملها، ومن لوحاتهم الشعبية التي تصور قيام المرأة بعدة أعمال في وقت واحد لوحة زوجة الحلاق في الأحياء الشعبية “بتعرف مرت مين معبولة أكتر من غير؟ مرت الحلاق :بدا تشرط، وتضرب كاسات الهوا، وتكحل، وتداوي القرعان، وتركب النقش، وتحشي الحنة، وتمسد الايد المبروقة، وكتير كتير”
ويتعاطف الحلبيون مع المرأة عموماً، ولها عندهم المودة والرحمة “الحرمة جنحا مكسور”.
أما مكانة المرأة كما صورتها المأثورات الشعبية فهي أدنى من مكانة الرجل بوضوح، وهي مطلوبة دائما وليست الطالبة، فيخاطبونها “اقعدي في عشك حتى يجي حدا يكشك ” وخنوع المرأة للرجل حين يتكلم “وقت يصيح الديك الجيجة تسكت”.

وتحدث المحاضر عن جملة من الصفات المعنوية يطلبها الحلبيون في المرأة، كأن تكون كريمة الوالدين، أصيلة الجدين “البنت اللي مابنفقوا خدودا بنفقوا جدودا” ويرغبون المرأة الماهرة” خود أم الكار ولا تاخد أم السوار” والمرأة المطيعة “تلاتة بيطولو العمر، الدار الوسيعة، والمرا المطيعة، والفرس السريعة”.
أما مكونات جمال المرأة في التراث الشعبي الحلبي، القامة الطويلة”إن بركت بتبين وإن قامت بتزين “ويفضلون الجميلة” خود الكويسة بتعبي لك بيتك قمار، وخود البشعة بتعبيلك بيتك شحوار” “فلانة كربوجة بلا ناطف “.
ومن الصفات الحسية للمرأة المثالية في نظرهم سمراء اللون، ذات شعر طويل، ووجه كالبدر، وعينين واسعتين سوداويتين أو عسليتين وخدود متوردة وشفاه كالدم وريق كالعسل،
عيونك سود يامحلاهم
قلبي تولع بهواهم
ويتشاءم الحلبيون من العيون الزرق” المرا يلي عيونا زرق بتكش الرزق”.
وختم المحاضر بالقول باتت صورة المرأة في المأثورات الشعبية الحلبية انعكاساً لعلاقات اجتماعية تشكل نسقاً خاصاً لواقعها في الحياة، ولنا أن نتساءل :كيف تكون المرأة نبيلة خيرة في مكان وتكون وضيعة وشريرة في مكان آخر؟ وهذه المزاوجة بين السلب والإيجاب في المواقف الفكرية والحياتية، سنة من سنن الكون ومن طبائع البشر، وأصداء المرأة في المأثورات تلامس مثيلاتها في العالم، وتبقى المأثورات الشعبية مادة تراثية تستغيث بنا من أخطار النسيان والتناسي في أجواء العولمة الداهمة، يجب الحفاظ عليها ودراستها وكشف جمالياتها المتعددة شكلاً ومضموناً.
وتخلل المحاضرة العديد من المداخلات والتساؤلات من قبل الحضور.
رقم العدد ١٦٢١٢

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار