الجماهير- بيانكا ماضيّة
أحد الأصدقاء المغرمين والمختصين بالآثار والحديث عنها، يكتب اليوم عن تمثال أبي فراس الحمداني في مدخل الحديقة العامة، ويدور حوار بينه وبين صديقه الفنان يوسف عن التمثال ونحّاته، ليشير إلى أن وجه أبي فراس “هو وجه فارس مليء بالرجولة، ولكن في ذات الوقت لديه النظرة الحالمة للشاعر، في أحد جنبيه سيف وفي اليد الأخرى قصيدة شعر…. لا بد أن النحات سهر الليالي أرقاً، وتقلب في فراشه قلقاً، حتى استطاع إنجاز عمله هذا بوجدان نفتقده اليوم في إنجاز أعمالنا”.وعلى الرغم من شهرة التمثال والشخصية التي يمثلها، إلا أن اسم النحات عليه قد غيبته السنون، فهو النحات جاك وردة الذي لم يسمع به أحد. كثيرة هي الأسماء المغيّبة من عالم الإبداع والفن لأسباب كثيرة!.
إحدى الصديقات الشاعرات الحالمات، تتحدث في صفحتها عن شخص ليس بصديقها يسرق نصوصها وقصائدها وينسبها لنفسه مع تغيير صيغة الخطاب وينشرها في صفحته باسمه الثلاثي، عدّت الأمر عادياً وختمت: “كل هدا عادي ومتكرر لحد اللحظة إنما المدهش أنو آخد نصوص لشاعر آخر ودامجها مع نصوص قديمة جدا إلي وكمان ناسبها لنفسه…البوست الوحيد اللي تاركو باسم صاحبه هو لطبيب قلبية معروف في اللاذقية، باعتبار الأطباء شخصيات مرموقة لا يجوز التطاول على حقوقها أما الشعراء فمالهم سايب!”. أعتقد أن جمالية الشعر المسروق سبب في سرقته فلولم يحفل بهذه الجماليات لما سُرق!.
فنان المدينة التشكيلي ينشر لوحة من لوحاته التي يتكرر فيها مشهد الرجل الجالس وحيداً في المقهى، ولكن هذه المرة مع أوراق متطايرة فوق الكراسي والطاولات، ويكتب تعليقاً : “في زحمة فراغ الجمهور تتصدر الكراسي المشهد الأدبي وترسل أوراق الأديب بموسيقى حزينة إلى العدم”. صديقي الشاعر يكتب اليوم عن عيد البربارة قصيدة شعر يقول فيها: أمّي تصلّي على الهادي وعترتهِ/ ويُطعمُ الحيَّ منها قِدرُ برباره .. وقبل طه وعيسى في جلالهما/ كانتْ ترتّلُ باسمِ الخصبِ عشتاره … أمّي الحبيبةُ بنتُ القمحِ كيفَ بهِ/ لم يستطعْ سترَها في هذه الغارهْ؟!.
صديقتي الدكتورة المختصة بالفلسفة تكتب منشوراً عن مجزرة للشاي، تقول: “في بلد يعاني من عقد من السنين أهوال الحرب والحصار والعقوبات، وتنقطع أنفاس مواطنيه لتأمين لقمة العيش التي غدت ليس فقط شحيحة بل ومغمسة بالهوان، في هذا البلد المنكوب يرمي مسؤولوه اللامسؤولين بألفي طن من الشاي في المزابل، وهو عمل يرقى إلى مصاف جريمة الحرب”.وكم من أطنان من الضمير يلزم هذا البلد كي يقف على قدميه!.
صديق صحفي لبناني يتحدث في منشور له عن أنذال الإمارات والبحرين وتبادل الزيارات على مستوى الوزراء والفعاليات الاقتصادية للاتفاق على عقود تبادل تجاري حتى من المستوطنات الإسرائيلية، رغم أن القانون الدولي، مع تحيّزه الكامل للكيان الإسرائيلي، يعد منتجات هذه المستوطنات غير شرعية، وينهي منشوره بالقول: “تقول الأخبار أن مايزيد عن عشرة آلاف سائح إسرائيلي سيسهرون ليلة رأس السنة في دبي. في مثل هذه الليلة الظلماء نحتاج “بدراً” ك “وديع حداد” يجعل بكاء وعويل الصهاينة يصل عنان السماء وهم يستقبلون توابيت ذويهم القادمة من إمارات ومشيخات “آل شخبوط” يوم 1-1-2021″.الحرب مع الصهاينة لاتحتاج إلى متخاذلين متواطئين، الحرب تحتاج إلى رجال!.
أحد الأصدقاء الحلبيين يكتب: “كل الخيارات مفتوحة قدامي للسفر بس أنا فضلت الخيار بلبن مع شوية توم وصحن مجدرة بأم الدنيا حلب”. من يعرف قيمة هذه المدينة لايستطيع أن يتركها ويهاجر!.
صديقتي العاشقة تكتب قولاً لجلال الدين الرومي: “العاشق .. ليس وحيداً أبداً فمعشوقه معه.. بداخل روحه على الدوام”. بالتأكيد، حتى وإن غاب فهو موجود في الأعماق!.
وصديقة أخرى تكتب قولاً لمحمود درويش: “من علامات النضج، أن الكلمات الجميلة لم تعد تؤثر بك أو تبهرك أو تشعرك بالحب، فقط وحدها المواقف والأفعال هي من تقوم بذلك”. أعتقد أن الشاعر درويش بالغ قليلاً، فلولا تأثير كلماته الجميلة في النفوس لما حفظتها عن ظهر قلب!.
الكلام الجميل، المواقف، الأفعال، الغياب، الحضور، الصمت، الجنون، الحاضر، المستقبل، مفردات يمتلئ بها رأسي وأنا أتمعّن بجزئيات هذه العلاقة التي تجمعني بحبيبي، أفكّر بلحن تستسيغه روحي: “ياحبيبي حبّك حيّرني، حيّرني حبّك”!.
رقم العدد ١٦٢٤٧