الجماهير – بيانكا ماضيّة
يتحدث اليوم صديقي الآثاري المهتم بأوابد حلب، عن تمثال سعد الله الجابري المنصوب في جانب متطرف من ساحة سعد الله الجابري وسط حلب من خلال حوار مع الفنان يوسف عقيل وسؤاله له عمايراه في هذا التمثال، ثم يتحدث الفنان يوسف عن قاعدة التمثال، ليشير إلى النسب الفنية المتوازنة بدقة، مع خطوطها الرشيقة، وأنه كان بإمكانه جعلها قاعدة مربعة، ولكنه كان يعمل بوجدان يأبى إلا أن يتقن عمله ويترك في كل جزء منه شيء من الجمال، وأن النحات الذي صنع التمثال هو الحجار الحلبي ومعلم البناء والتبليط “طه شنن”. وأن ليس له إلا هذا التمثال، وبنى قبله سبيل الماء في المدخل الشرقي لحديقة السبيل، وأن تمثال سعد الله الجابري تم نحته في الخمسينيات ولكنه بقي حبيس الغرف المظلمة حتى تقرر نصبه في منتصف التسعينيات في هذا الجانب المتطرف من ساحة سعد الله الجابري مع أن الساحة سميت على اسم صاحب التمثال”. الفن لاتخرجه مدرسة أو أكاديمية أو معهد، الفن يولد مع صاحبه، وهو اليوم بحاجة للكثير من الوجدان!.
الصديق الصحفي المخضرم القاطن بعيداً عن دمشق، يكتب اليوم عن دمشق الأنثى: “أصعب القول، أن تقول الذي تريد، عن الذي تحب..!! هذا ما يحدث لي بالضبط، حين يتلعثم اللسان في تهجي الأسماء الكامنة في القلب ..هذه هي دمشق، المدينة الأنثى، ولا أعرف لماذا أشعر بأن المدن العظيمة تتصف بالأنوثة، وقد يكون بُناتـُها من الذكور فحسب؟! المدينة الأنثى لها عطر، وولادة..المدينة الأنثى تسهر عند منتصف الشهر القمري لتسرق نور البدر مكتملاً، وتنام على سرير الندى اللاصف على وريقات الصفصاف الفضية ..المدينة الأنثى ، دمشق ، لها غوطتان، ورئتان، ونهدان، ونهر”..كل الأمور الجميلة في حياتنا هي أنثى، وهكذا كانت المدن السورية، إنها إناث بكل معنى الكلمة، فكيف بإمكان المرء أن يحيط بصفات الأنثى مهما بلغ من بلاغة!.
صديقي الرائع الذي كثيراً ما أعجبتني منشوراته وأبحاثه، يكتب: “الحوار الساخن في سورية حول العروبة والهوية والأمة هو حوار رائع ويُعطي صورة عن عظمة هذا الشعب الذي أنتجته هذه الأرض المقدسة” نعم صحيح كلامه فحتى لو كان هناك اختلاف في وجهات النظر فإن سورية بعظمتها هي التي تجمعنا تحت سمائها! الخلاف لايفسد للود قضيّة.
محاكاة لرسائل كافكا التي كان يرسلها لميلينا حبيبته، يكتب صديقي الكاتب منشوراً يقول فيه: “عشرة أجساد كجسدي هذا لا يستطيعون حمل آلامي وطموحاتي يا ميلينا”ويختمه بعبارة “كافكا السوري”.
صديقتي العاشقة الدلوعة تكتب: “قضايا الحب والحرب لا تخص الجبناء”.. بالتأكيد ففي كليهما يحتاج المرء إلى قوة وإرادة لايمتلكها الجبان!.وتكتب منشوراً آخر لمحمود درويش: “لاشيء يعجبني أريد أن أبكي”.
أما أنا فلم يعد يغريني البكاء حتى وإن كان لم يعد يعجبني شيء، وحدها دموعي المقهورة كانت على أطفال سفكت دماؤهم في هذه الحرب، على شباب قدموا أجسادهم لتحرير هذه الأرض ، على كل مواطن سوري مازال يحمل على كتفيه صليب الآلام! “وصفولي الصبر لاقيته خيال وكلام في الحب يادوب يتقال”!.
رقم العدد ١٦٢٥٣