الجماهير- بيانكا ماضيّة
(إنها زوجتي) وتحشرج صوته، وغصّ بدمع أبكى معه من يسمعه.. هذه هي حالة أحد الدكاترة المشاركين في اليوم الثالث من ملتقى القصة القصيرة الذي أقيم احتفاء بالكاتب الروائي المبدع محمد أبو معتوق، بكى وهو يتحدث عن (ناطحات بلا سحاب) إحدى المسرحيات التي ألفها الكاتب أبو معتوق منذ زمن مضى.. وهي تتناول العلاقة التي تجمع المرأة بالرجل، وحاجة كل واحد منهما للآخر، هذه العلاقة التي إن لم يتعادل فيها الطرفان مشاعرَ وأحاسيسَ يصبح هناك خلل في هذه العلاقة ينتج عنه فراغ يصنعه هذا السرّ الذي يجمعهما معاً، وإن غاب لسبب ما يخص طرفاً دون آخر، اختلت العلاقة بينهما.
إنه الحب، هذه العلاقة السامية الراقية التي يظل كل من الرجل والمرأة بحاجة إليها، لايستقيم الكون بدون هذه العلاقة، ولاسكينة ولا أماناً لكلا الطرفين إلا بوجوده.
فما الذي جعل د. باندك تدمع عيناه غير مرة وهو يتحدث عن تلك المسرحية؟! أهي الحساسية المفرطة لهذه العلاقة، ولمدى حب الرجل للمرأة وحاجته لها؟! ما الذي يجعل الرجل يبكي؟!
في هذا التجسيد الحيّ لأثر هذه العلاقة، رأينا مونودراما كان بطلها د. باندك الذي لم يستطع أن يكبت مشاعره وهو يتحدث بلسان بطل المسرحية حينما فقد زوجته في المشفى، وأرادوا تشريح الجثة، (إنها زوجتي) بكل مافيها من دمع وبكاء وألم.
يقول عالم النفس التطوري ديفيد بوس “فقدان الحب هو واحد من أسوأ التجارب، التي يمكن للشخص أن يمر بها، هذا الألم النفسي لا يتجاوزه إلا الأحداث الرهيبة مثل موت طفل ما” هذا ماحصل مع بطلي المسرحية التي كانت محور الحديث، فالزوج سافر إلى نيويورك لمتابعة الدراسة تاركاً وراءه زوجته التي هي بحاجة لحنانه وحبه وعطفه. فما الذي سيسفر عنه هذا البعد، هذا الحدث المأساوي الرهيب، سوى حمل كاذب أودى بالزوجة إلى الموت، وهو موت ليس بجسدي وحسب، وإنما موت معنوي، موت للحياة نفسها.
البعد وفقدان الحب مؤلم وموجع، يغصّ كثيرون جراءه بالدمع والألم، ويغصّ الكون بدمع رهيب تهبّ على إثره عواصفُ ورياح وتزلزل له الأرض، وتسقط نجمة من السماء!.
رقم العدد ١٦٢٦٤