الجماهير – بيانكا ماضيّة
كان يرقص رقصاً يعبّر عن أنه قد سكر بلا نبيذ، يتمايل ذات اليمين وذات الشمال، يفتح ذراعيه واسعاً كأنه في غيبوبة عن هذا العالم.
رجع خطوة إلى الوراء وإذ به يترنّح، توقف عن الرقص قليلاً ليستطيع التوازن، يشعر بنفسه وكأنه ملك العالم، لا أعرف ما الذي يدور في ذهن رجل في مثل هذه الرقصة، السعادة تغمره من رأسه حتى أخمص قدميه.. ودار دورة كاملة وهو مازال يفتح ذراعيه عن آخرهما، كان صوت صباح فخري يجعله يغيب عن هذا العالم “إن تجودي فصليني” ويضحك ضحكاً هستيرياً، لكأن هناك في ذهنه طيف امرأة، هاهو الطيف، على مايبدو، يحاكيه، عيناه تغرورقان بالدموع، “صليني والنبي، والنبي صليني”..
-ألم أكن ذات يوم ملء قلبكَ؟!
وبحركة لاواعية يضمّ هذا الطيف بين ذراعيه، “أسوة بالعاشقين”.
-نعم كنتِ ملء قلبي، فأنت حبيبتي التي تسكن ضلوعي!
-لمَ تركتني إذاً وذهبت مع امرأة أخرى؟!
-سامحيني ياحبيبتي، فأنا مازلت أحبكِ!
وغاب طيفها، وغاب هو في رقصته الجنونية. كم كان عاشقاً لها، مولهاً بتفاصيلها، ولكن ما الذي دهاه وذهب مع أخرى؟!
مازال هذا السؤال يعتمل في رأسه، وكان يجيب “أو تظنّي فاندبيني في ظلال الياسمين”. هناك حيث أدارت ظهرها “ربة الوجه الصبوح” له، وسارت باتجاه اللاشيء.
رقم العدد 16282