“الجماهير ” تكشف طريقة سرقة مخصصات المازوت عند إفراغها من الصهاريج لمستحقيها .. كيف اختفت 200 لتر من المازوت؟!! لص محترف! يأتي مع شهادة حسن سلوك !!
الجماهير / طارق بصمه جي
الكثير من الشكاوى كانت ترد يومياً حول نقص في كمية حصة المازوت المنزلي المعبأ بواسطة بعض الصهاريج الناقلة للمادة ، ، إنما هل خطر في بالك عزيزي القارىء ما هي بعض الأساليب التي يتبعها اللصوص لسرقة قسم من موادك المدعومة؟!!
في بداية هذا التحقيق ، سنتطرق لشرح أنواع المازوت الموجود في السوق السوداء حالياً ، بعد أن التقت ال”جماهير” عدد من مشرفي تشغيل أحد مولدات الأمبير بحلب ، الذين أوضحوا كيفية حصولهم على مادة المازوت لتشغيل مولّدتهم لعشرات الساعات شهرياً دون أي انقطاع فقال أحمد للـ”جماهير” :
” يصنف المازوت حالياً إلى ثلاثة أنواع :
نخب أول :مازوت صاغ ويبلغ سعره في السوق السوداء 1400 ليرة.
نخب ثاني :مازوت مخلوط بزيت محركات ديزل ، ويباع بسعر 1300
نخب ثالث :مازوت مخلوط بزيت محركات مكرر ( محروق) ، ويباع حالياً في السوق السوداء بسعر 1100 “
وأضاف “أبو حسن” :” بوجود المال الكافي، نستطيع شراء الكمية التي نرغبها من المازوت، وذلك من صهاريج السوق السوداء التي تنشط بحرية وعلى عينك يا تاجر!! ، لذا فإن ارتفاع اسعار الأمبير الواحد إلى 5000 ليرة أو أكثر، يعود لارتفاع سعر المازوت، وزيادة ساعات التغذية التي قد تصل الى 8 ساعات يومياً، ناهيك عن ارتفاع ثمن زيت المحرك وأجور الصيانة وقطع الغيار التي تتلف باستمرار مع هذا المازوت السيء !! “
وقال “فاتح” :” موضوع الأسعار يتعلق بشكل رئيسي بساعات العمل فيما إن كانت المولدة مخصصة للاستعمال المنزلي أو التجاري ، لذا اطلب من محافظة حلب، وضع تسعيرة جديدة للأمبير تتوافق مع الارتفاعات المتسارعة في الأسعار ، بذلك تصبح المخالفة واضحة تماماً، ومن السهل إلغاء ترخيص أي مولدة دون ظلم أو تأنيب للضمير ! “
● ( أخشى من تلوث خزاني !! )
خلال زيارة ودية قمت بها لأحد أصحاب محطات الوقود بحلب ، برفقة أحد الأصدقاء
دون الإفصاح عن هويتي المهنية، أعرب صاحب الكازية عن امتعاضه من الواقع الحالي، وأكّد أنه غير مسؤول عن آلية وصول حصص المازوت ، كونه يقوم بتزويد الصهاريج المتعاملة معه بطريقة نظامية، ولا يعلم إلى أين يذهب الصهريج..!! ، فتلك أمور ليست من صلاحيات عمله.
وأضاف قائلاً :” للأمانة أقول ، أحياناً لا أثق ببعض سائقي الصهاريج خصوصاً حين يعتزمون العودة إلى كازيتي لإعادة المازوت الزائد عندهم، لذا أطلب منهم دون تردد، إبقاء تلك الكمية البسيطة الزائدة أمانة في صهاريجهم لليوم التالي ، كوني أخشى من تلوث المازوت في خزاني الأرضي ، فيما إن قبلت إعادة مازوتهم الذي لا أعلم مدى نقاءه وبماذا تم خلطه لاحقاً !!”
● ( الوطن لا يخلو من الشرفاء)
من خلال زيارتي لأحد أحياء حلب الشرقية ، صادفت أحد مصابي الحرب، بنسبة عجز 60% ، فطلب أن يوصل صوته عبر صحيفة الجماهير فقال :” أتوجّه بالشكر لأحد الصحفيين المخلصين للمهنة الذي قام بنقل معاناتنا في عدم حصولنا على مادة المازوت، خصوصاً أن الصحفي قام بالاتصال المباشر مع عضو المكتب التنفيدي المختص في مجلس المدينة، الذي استجاب سريعاً، واستهجن هذا التأخير الحاصل دون علمه ، رغم أن الجداول المرفوعة لديه تؤكد عكس ذلك!! ، لذا أوعز مباشرةً لمختار الحي المقصّر ، بالتعبئة الفورية ، لكل عوائل الشهداء ومصابي الحرب الذين لم يحصلوا على مستحقاتهم من المازوت في منطقتنا ، وذلك بزمن قياسي تم بأقل من 36 ساعة بحسب شهادة الأهالي “
وللإطلاع على الوضع عن كثب، التقيت بـ /أبو عمر/ ، مالك أحد الصهاريج العاملة على توزيع المازوت، فقال :” الفساد أمر نسبي، ولا يمكن تعميمه طبعاً ، لكني أرى من الضروري زيادة هامش الربح لكل لتر أثناء الضخ ، فمن غير المنطقي (حسب وصفِه) أن يستمر الصهريج بتقاضي 2.5 ليرة ربح عن كل لتر، فهذا المبلغ لا يغطي كامل مصاريف الصهريج من محروقات وأجور عمال وصيانة في ظل ارتفاع سعر الصرف ، لذا أقترح زيادة هامش الربح كي لا يضطر معظم سائقو الصهاريج للغش بنسب متفاوتة، الأمر الذي يحقق مصدر رزق كافي بالحلال وليس بالحرام!!”
وأضاف :” أنصح المواطنين بوضع علامة واضحة على خزانهم قبل البدء بعملية الضخ ، أو وضع عصا خشبية ذات طول محدد داخل البرميل المراد تعبئته لمعرفة منسوب المازوت الجديد التي تم تعبئته “
( وقاحة بعض الفاسدين )
عن موضوع تفاوت نسب الغش ، تحدث للـ”جماهير” المواطن شادي، الذي روى لنا قصته مستغرباً ، فقال :
” قبل عدة أشهر، جاء صهريج لتوزيع مادة المازوت في منطقتنا السكنية، وللأسف اتصلت بأحد الجوار لحضور عملية التعبئة نيابة عني ، كوني لم أكن موجوداً ضمن المدينة ، تمت تلك المكالمة الهاتفية على مسامع سائق الصهريج ، فتم ملىء خزاني بالوكالة لحين عودتي من السفر، ، وبعد وصولي اكتشفت أن خزاني لم يعبأ مطلقاً سوى ببضع الليترات القليلة، قياساً على ما كان موجود به
سابقاً..!! ، وعلى أثرها قمت بمراجعة الكازية للبحث عن صاحب هذا الصهريج، وحين وجدته أفرغت جام غضبي عليه، نظراً لهذه السرقة الموصوفة!! ، فاعتذر سريعاً وطلب مني تخفيض صوتي، وجاء في اليوم التالي وعبأ لي كامل الكمية الناقصة دون أي جدال أو نكران !!
لذا بات من حقي أن أتساءل؟؟!! ، لو لم يكن يعلم ضمناً بفساده ، هل كان استجاب لطلبي بهذه السرعة والسرية؟!! وأنا مواطن عادي!! “
● ( القبعة السحرية على رأس قطاع توزيع المازوت )
عن موضوع فساد بعض مخاترة أحياء حلب، و تقاسمهم الأرباح مع بعض أصحاب صهاريج المازوت،و بعض الجهات الرقابية الفاسدة ، التقيت عن طريق الصدفة في جلسة خاصة ، أحد سائقي صهاريج توزيع المازوت المتقاعدين الذي فضّل لاحقاً عدم نشر اسمه فقال :” هناك العديد من طرق التحايل التي يتبعها عادةً أصحاب الصهاريج ، لتغطية نقص رصيد مادة المازوت في صهاريجهم ، منها جمع العديد من البطاقات الذكية لعوائل فقيرة و مُعدمة الدخل ، التي لا تملك ثمن المازوت ، وبالتالي يأخذون مستحقاتهم بمبلغ زهيد، وبيعوها لاحقاً بسعر 1500 لأصحاب مولدات الأمبير ، بالتواطؤ مع مختار الحي، والجهة المكلفة بمراقبة التوزيع، وذلك في مشهد أشبه ب”مافيا” مصغرة تمتهن الاتجار بالمواد المدعومة ، ومن جانب آخر مازال هناك العديد من الحيل والخدع التي من شأنها التلاعب بالكمية المعبأة للمواطن، من أخطرها :
عدم انتباه المواطنين لوجود تفريعة ثانية بعد عداد المازوت تذهب بالمادة إلى مخرج آخر مخفي “
وعن التفاصيل استطرد قائلاً :” يخرج المازوت المُباع عبر خرطوم أساسي واضح يؤدي إلى خزان الزبون ، وفي كثير من الأحيان يكون هناك تفريعة ثانية مزودة بخرطوم سرّي مخفي داخل جسم الصهريج يعيد قسم من المازوت المُباع إلى داخل الصهريج مجدداً، وذلك وفق نسب معينة تُحدد بحسب زاوية فتح الصمام، فعلى سبيل المثال ، إذا تم فتح الصمام السري بزاوية بسيطة ، فهذا يعني أن البائع يسرق فعلياً نسبة 10% من المازوت المباع !! أما إذا تم فتح الصمام بزاوية كبيرة، فهذا يعني أن البائع يسرق نسبة 90% من المازوت المباع “
لذا نصح المعاون أن يقوم المواطن بالتأكد من مسار انبوب الضخ بعد العداد ، وملاحظة نهاية الأنبوب الثاني في الصهريج (إن وجد)، بحيث يكون مرئياً للعين المجردة وليس مخفيا طوال فترة عملية التعبئة.
وفجأة اقتحم صديق جديد هذه الجلسة الودية وعرف عن نفسه ، ولكنه أفصح عن صفتي عن طريق الخطأ ، فاختتم المعاون حديثه قائلاً :”والله الصراحة يا استاذ.. ! لو أعرفك صحفي ما حكيت !! “.
● متى سنشهد تجربة رسائل الـ SMS للمازوت ؟
المواطن “أبو علي” من أهالي حي باب النيرب بحلب، أعرب عن استيائه لعدم استلامه لحصته من المازوت هذا العام، وطالب أن يتم توزيع مخصصات المازوت عبر نظام الرسائل النصية، أسوة بتجربة محافظة دمشق مؤخراً، كي تنهي حقبة (الواسطة ) وسوء التوزيع التي تزداد بحلب !! ، وأضاف متسائلاً :” باقي أقل من شهر على نهاية فصل الشتاء فمتى سأكون من المبشرين بتعبئة المازوت..؟ ، ألم يحن الوقت بعد، لأدرأ عن أجساد أطفالي زمهرير الشتاء القارس؟!! خصوصاً أني لم أحظَ بعد ، بصداقة أو قرابة أو زمالة الثلاثي الشهير ( المختار و عضو لجنة المحافظة و سائق الصهريج!! )” .
جميع تلك الملاحظات، نضعها برسم وزارة النفط والثروة المعدنية ، إضافة إلى مديرية حماية المستهلك بحلب، كي تضع حداً لتلك الحيل والتجاوزات التي تنهش من جسد المواطن الحلبي المثقل بالأعباء المادية والحياتية.
رقم العدد ١٦٣٠٨