قراءة نقدية في مجموعة الكاتب محمود علي السعيد القصصية .

 

نبوغ محمد أسعد .

فلسطين ستبقى القضية التي تؤرق مضاجع الشعراء والأدباء في أنحاء الوطن العربي كافة، وملهمة لكتاباتهم وثقافاتهم المتنوعة الزاخرة بألم الفراق والحرمان من بيارات ليمونها وعبق رائحته التي تتغذى عليها ذاكرة الوجع ..وزيتونها المتجذر في روابيها السمر .كما يتجذر في شرايين أبنائها لتصبح فلسطين جمرة الروح. وهذا ما يؤكده الكاتب محمود علي السعيد في مجموعته القصصية والقصيرة جدا، ويؤكد بكل الحب والأمل على أنها سوف تعود إلى اتقادها وانتصارها على أعدائها.

تشتعل قصص مجموعته بالحزن والألم المبني على لوعة الفواجع والأحداث الدامية التي عاشها أبناء الشعب الفلسطيني المقهور والصابر على الجلد، فيلتقط هذه الومضات من كل مدينة وشارع وحارة وبيت؛ ليشكل باقته من هموم الشعب وشقائه ..لتكون أشد وقعا على وجدانية المتلقي ليندهش بالحدث الصادم وليكون أقرب في أحاسيسه إلى فلسطين وما فيها من جماليات تراثية خلال وصفه الشاعري المتميز بلغة مكتنزة بثقافة قل نظيرها بين كتاب القصة القصيرة أو الومضة ويشبعها بغزارة أحاسيسه وروحه الشفافة والحساسة المشبعة بالهم الإنساني والوجداني والذي يصرخ من كل حرف خطه الكاتب ..ليقول هذا أنا ولن أكون إلا كذلك فيحملنا إلى عوالم الدهشة والإبداع والتصوير الجمالي الذي يليق بمحبوبته التي مازالت تئن من ألم الاغتصاب وتنتظر يوم النصر والتحرر من رجس العدو الغاصب .

“جمرة الروح” مجموعة تتميز بالاختزال الغني والتطريز الأدبي لكل القصص المؤثرة بانفعال ذاتي صادق متأثرا كاتبها بهموم الشعب الفلسطيني المتسم بالطيبة والمتمسك بالعادات والتقاليد الأصيلة والذي لن يتخلى عنها مهما ذاق من ضنك العيش والقهر والحرمان وذل المستعمر .

ما يميز مجموعة كاتبنا جمرة الروح بجمالها القصصي وقوة بنيانها التشكيلي وتراكيبها المعقدة وبنيانها المتين ..هي تلك الرمزية لبعض القصص والومضات إذ تأخذنا إلى عالم الدهشة والخيال والإبداع الفني المتمثل بثقافات متعددة اكتسبها الكاتب من خلال تعمقه ببعض علوم ومعارف خلال رحلة ترحاله الثقافية ..إضافة إلى الإيحاءات والدلالات وما تشير إليه إلى أبعد حدود التعلق بقضايا الأمة وكيفية الوصول إلى أهدافها بتحقيق حلمها بالنصر والتحرير .

قدم لنا الكاتب في مجموعته ما أراد له أن يكون من قضايا اجتماعية وإنسانية وسياسية من خلال عالمه البراق وجمالياته التي وصلت إلى حد الاستغراب والتفكر في عمق القضية ليقول للمتلقي هذه روحي وجمرتها التي لن تخمد فتنبهوا أيها المتآمرون والمتخاذلون .

محمود علي السعيد أول من كتب القصة القصيرة جدا في عالمنا العربي ويعمل على تطويرها وإغنائها بأفكاره المضيئة كروحه المحبة للخير والسلام .

له العديد من المؤلفات القصصية والشعرية والدراسات، فصدر له خمسة وعشرون كتاباً وشغل عدة مناصب ..وهو عضو اتحاد الكتاب العرب والفلسطينيين (فرع حلب) ، المستشار الثقافي لمجلة الغد الجديد الفلسطينية، وعضو اتحاد الصحفيين والتشكيليين والمعلمين، وعضو رئاسة المؤتمر الشعبي الفلسطيني .ترجمت نتاجاته إلى عدة لغات وينشر في صحف ومجلات الوطن العربي وغيرها، وهو من مواليد ترشيحا الجليل العربي فلسطين.

رقم العدد 16318

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار