الجماهير – يمنى حمامي
كان لابد لي عندما قررت أن أسقط مشاعري وأحاسيسي تجاه مدينتي العريقة حلب ، على الورق ، أن اجمع كل ادواتي الشعورية والروحية ، وأفرد لها السطور ، تماما كما يفرد الطائر جناحيه مستعدا للتحليق ، غير آبه بما يحصل على الأرض ، لأن مجال تحليقه هو السماء .
نعم إنها حلب ، تلك العاشقة الساحرة ، الممتدة من أقصاها إلى أقصاها مسافات من روح و نور …
أنا التي أمضيت سنينا طويلة في الغربة ، لا أسكن حلب ، وكانت هي تسكنني ، وتستوطن روحي بلا منازع ،،
أنا التي أعلم كم هو موجع حد التلذذ بالألم هو شعور الشوق والاشتياق !!
كم كان يبدده و بكل بساطة سحر الاقتراب من الوصول إلى حلب ،،،
مدخل حلب كان بالنسبة لي كبوابة لدخول الجنة ، كافأتني بها الأيام بعد طول صبر وجهد ..
لم يكن حينها شيئا يستطيع أن يجعلني انتشي كما هو تكاتف شجر الزيتون على خارطة حلب ، تلك الكروم كالطوق ، بل كالتعويذة تحمي تلك المدينة من كل شر ،، لم يغب عن بالي سنينا طويلة ، وانا اجتاز مدخل حلب وأجتاح زحامها واصوات الباعة فيها كالترانيم ، كيف لتلك المدينة أن تغفو على جرح تضغط عليه كي لا ينزف ، وتعرف كيف تخيطه كلما ارغمتها الظروف على تحمل المزيد من الوجع ، كل شيء كان يقول لك نعم ، ألزم الأدب فأنت في حلب .
رقم العدد 16327