الجماهير / شعر محمد حجازي
لا صورة لدي تحوي وجهي
ذلك الذي أعرته
للمدينة التي كانت تمنحني حبا طازجا
أخلع وجهي كل يوم على باب البيت
وأنتعل وجها يشبهني
وعندما اخرج اليك ثانية
أرتدي منزلا مهدما
وقبرا ضيقا
وقلعة
لم أقصد أن أحبك ياحلب
لكني وجدتك تخلقين الدوبامين في دمي
وتمتلكين كل كلوروكين العالم
فأحببتك هكذا دونما قصد
رميت كمامتي
وقبلتك بلاطة بلاطة
فيا ايها العاشق مثلي
مت وحدك
ولا تخبر أحدا أنك فعلت ذلك
فالحاسدون كثر
لاتمت متأثرا بجراحك الماضية
أو من الحزن
ولا تمت بذاك المرض
ذاك الذي يودي بحياة الجميع
استمتع بميتة متفردة
كالاختناق بالعطر أو دهسا بقصيدة شعرية
ولأنك تحب مدينة هي من أخطر المدن..حلب
لابد لك أن تختار امرأة خطيرة
كتلك المدينة
امراة حزينة كتلك المدينة
جميلة كتلك المدينة
امراة قد تفقد ذراعيها
في لحظة عناق شديدة الانفجار
وتستخدم شفتيها بالتوقيع على صك موتك
مت جيدا في حلب
في أي حارة
في حي الفرافرة أو الجلوم مثلا
ورافق امرأة غير تقليدية
تؤمن بالحب من أول قبلة
امرأة تشبه حلب..خطيرة للغاية
مت جيدا ياسيدي ولاتخبر أحدا
وحصن نفسك بالمعوذتين
وتحسبا من أي نجاة محتملة
قل هو الله أحد
وانا قد تماديت في الحب يوما
عندما قررت منذ زمن طويل
أن أعشق امراة ينبت الفستق الحلبي على شفتيها
تحمل كل الأيتام على ظهرها
وإذا ضحكت يعود كل الآباء
من سفر طويل
ويخلعون الشريط الأسود في زوايا صورهم ويقفزون الى الحياة
امرأة تتقن تحضير الآلهة القديمة
وتطهو كل أصناف المجد
وتطعم جيرانها
أعشق امرأة
ترش الزيت والزعتر
على رغيف البيادر
وتملأ فراغات الزمن
بالكبرياء
و عندما وقعت الحرب هنا
كانت ترضع كل أطفال حارتنا
وتغسل كل قذارات العالم بالغار
أعشق امرأة ولدت قبل التاريخ
ومازالت فتية
وحزينة
وعظيمة
رقم العدد 16328