الجماهير / المهندس باسل قس نصر الله، مستشار مفتي سورية
الكتاب التاسع:
“سراب الإستقلال في بلاد الشام 1918 – 1920” – حسن الأمين – دار رياض الريس – ط 1 – 1998 – بيروت – لبنان
يروي الكتاب تفاصيل الوقائع التي حدثت في بلاد الشام أثناء الصراع بين الإنتداب والإستقلال عبر شهادات ووثائق مَن عاصروا تِلك الأحدات.
فمن انبعاث الحكم العربي إلى معاهدة “سايكس بيكو” الى رحلة الأمير فيصل الى أوروبا ووضع لبنان وسورية والاستعمار الفرنسي والبريطاني وتقسيم سورية الطبيعية وصنع دويلات من دولة حلب ودولة دمشق وغيرها.
تتالى الأسماء من الجنرال البريطاني “اللنبي” الى الجنرال الفرنسي “غورو” و “دو مارتيل” ومن “ابراهيم هنانو” الى “سلطان باشا الاطرش”، ومن “يوسف العظمة” إلى “فارس الخوري”، وأحياناً تظهر أمورٌ مخجلة في تاريخنا مثل التزلف والإسترهان.
اخترت لكم بعض المقتطفات:
– يوم الثلاثاء الأول من تشرين الأول من السنة 1918 شهِدت الدنيا حدثاً لم تشهد نظيراً له منذ أكثر من أربعمائة سنة. هذا الحدث هو أن جيشاً عربياً يقوده عربي وتُرفرف فوقه راية عربية قد دخل مدينة عربية باسطاً سلطانه فيها باسم العرب. كان يقود هذا الجيش قائد حجازي ينوب في قيادته هذه عن قائده العام الذي هو أيضاً حجازي. كان القائد الداخل هو “الشريف ناصر” والقائد العام هو “الشريف فيصل بن الحسين”
– وصول “فيصل” (الخميس 3 / 10 / 1918) الى دار الحكومة في دمشق. في أثناء ذلك تقدم المفتي (الشيخ عبد القادر الخطيب)، في حين أنه عند إعلان الثورة العربية في الحجاز، تملّق “جمال باشا” فخَطبَ في الجامع الأموي لاعناً الملك حسين وقال أنه خارجي عاصٍ، عصى الله وشقّ عصا الطاعة وخرَج على خليفة المسلمين. وعندما جاء “فيصل” الى دمشق منتصراً كان أول من دعا بإسم والده وأول مَن لقبه بأمير المؤمنين وبايعه بإسم والده، وكان قد أعطى فتوى (سابقة) بقتله .
– في الخامس من تشرين الأول 1918 عهد الأمير فيصل الى “رضا الركابي” بتأليف حكومة تدير البلاد ومَنَحه صلاحيات الحاكم العسكري. فتولى قيادة الجيش “نوري السعيد” (عراقي). وتولى إدارة الأمن العام “جميل المدفعي” (عراقي). وتولّى إدارة الشرطة “محمد علي التميمي” (فلسطيني). وتولّى قيادة موقع دمشق “زكي العظمة” (سوري). فضلاً عن المناصب الكبيرة الأُخرى التي كان بين من تولوها لبنانيون مسيحيون مثل إدارة العدلية التي تولاها “اسكندر عمون” (لبناني ماروني من دير القمر).
– كان إنهيار الحكم الإستقلالي العربي في دمشق. في 24 تموز سنة 1920
– الفرنسيون تخلّوا عن كيليكيا للأتراك لأنهم عرفوا أن الإحتفاظ بها سيكلّفهم خوض حرب لا يوافقهم شعبهم على خوضها بعد ما عاناه من الحرب التي خرج منها، ولا يوافقهم برلمانهم على إقرار ما يقتضي إقراره من أموال للإستمرار فيها، فأذعَنوا للأمر الواقع وسلّموا كيليكيا للأتراك وانسحبوا منها
– إن الجنرال “غورو” عندما وقف في قصر الصنوبر وأعلن إنشاء دولة لبنان الكبير ، كان “البطريرك الياس الحويّك” يقف الى يمينه والمفتي “الشيخ مصطفى نجا” الى شماله. ويُرى أن وقوف البطريرك والمفتي الى يمين الجنرال “غورو” وشماله كان يعني يومئذٍ قيام لبنان الكبير على ركيزتين قويتين هما: المسيحية والإسلام على حد سواء
– الجنرال “غورو” وصل بسيارته الى “المنشية” (في دمشق) تموز 1920 فَحيّته الجماهير واستقلّ من هناك مركبة من المركبات التي تجرها الخيول، وأن “ابو شكري الطباع” وبعض أهله، فكّوا جوادي المركبة وربطوا أنفسهم مكانها لِيجرّوا بأجسادهم مركبة الجنرال
– إمتطى (الجنرال غورو لدى دخوله (الى دمشق) مركبة وأحاطها بكوكبات من الفرسان على خيولهم المُطَهّمة … لم يكن الفرسان فرنسيين، ولا كانت خيولهم هُجناً، بل كان الفرسان عرباً وكانت خيولهم أصائل، كان الفرسان من عرب “الرولة” عشيرة نوري الشعلان أرسلهم أميرهم ليكونوا في موكب فاتح دمشق عاصمة العرب.
رقم العدد ١٦٣٤١