هل أتاك حديث البنكام ؟

الجماهير / حسين قاطرجي

عربة الوقت لا تسير إلى الخلف، ولا يمكن الوقوف أمامها أو إبطاء حركتها، عربة الوقت تمضي وتطحن العمر تحت عجلاتها وتسرق معها الأحلام والأماني.. ويمضي العمر ونحن مشبعين بمخاوف ألا نحقق من أحلامنا شيئاً!.
منذ الولادة تشنّ الحياة ضدّنا حرباً ضروساً لا ينتصر فيها إلا الوقت، والناجح من يقتنص من هذا الوقت لحظات سعادةٍ وهناء يقضيها وهو يصنع ما يريد رفقة من يحب.
“البنكام” رواية جديدة للكاتبة السورية يمان ياسرجي، تحتفي بالوقت وتجعله بطلاً من أبطالها الذين يحاولون التمسّك بما تبقى من فتات العمر وتدارك ما فاتهم في ربيع شبابهم الماضي.
في الرواية: سامر وسلمى زوجان جمعهما الحبّ والقرابة، سامر رجلٌ تقليدي يرى في الحب معنى التملّك والاستحواذ، وابنة عمه سلمى التي أحبّها ابتداءً من ساعة ولادتها تبغض منه غيرته العجماء التي لا يملك لها تفسيراً أو تبريراً إلا أنّها جزءٌ من كينونته كرجلٍ شرقي يرى حتى في دفتر ذكريات زوجته مشروع خيانة يجب أن يئدها قبل أن يدركها البلوغ. وولداهما سمار وسوسن فتيان يتصيّدان الحكمة والمعرفة من أفواه جدّيهما، وعمّا قريب سيشبّ الصغيران ويرحل الجدّان العجوزان فيتعلم سمار وسوسن الفقد في أسوأ صوره، أما الجارة كارلا، فهي امرأةٌ مسكينة كان العمر بالنسبة إليها كجواد سباق، داس عمرها تحت حوافره فعادت من الأيام بخيبة المفلس، فلا هي تزوجت حبيبها ولا هي أنجزت في أيامها ما يُبقي ذكرها بين الناس.
لكن الزمن ليس بهذا السوء، فقد يساعدنا بأن نتداركه قبيل المحطة الأخيرة فنصلح عندها أخطاء الأيام فنعتذر ممن أحزنّاهم، ونلتقي بمن فرّقت بيننا الظروف والمواقف، وننجز حلمنا الأخير قبل أن تطوي الحياة العمر الباقي، فنصير كمن يقلب الساعة الرملية رأساً على عقب فنسترجع بذلك شيئاً من زمننا المفقود وننال ثأرنا من كبرياء الأيام. وهذا ما كان من أمر سلمى وكارلا، فالأولى كتبت روايتها الأولى (بنك الأيام-البنكام) وحققت بذلك حلماً لها كاد أن تهدره حسابات بنك الأيام الخاسرة، والثانية استغلت فرصةً أخيرة من فرص الأيام الضنينة.
إذن.. البنكام هي الساعة الرملية التي تعبر حبّات الرمل خصرها الناحل، و بدون أن نشعر عبور ذلك الخيط الدقيق من الرمل تمر أيامنا.. فدقائق عمرنا وساعاته تشبه حبات الرمل التي لا نكترث لمرورها، لكن مع الوقت نرى أنّ العمر-كل العمر- انسرب من بين أصابعنا دون أن نلحظ هروبه اللطيف، وهو الدرس الأول من منطق الكون وناموس القدر؛ لكننا لا نتعلم هذا الدرس إلا في درب الرحلة الأخير.
صدرت الرواية عن دار الفرقان للغات والآداب، وتقع في 220 صفحة من القطع المتوسط، وهي العمل الروائي الثاني للكاتبة يمان ياسرجي التي في رصيدها حوالي سبعة عشر عملاً أدبياً في فنونٍ مختلفة كالقصة والشعر والمقال.
رقم العدد ١٦٣٤٢

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
احتفالاً بيوم الطفل العالمي.... فعالية ثقافية توعوية  لجمعية سور الثقافية  جلسة حوارية ثانية: مقترحات لتعديل البيئة التشريعية للقطاع الاقتصادي ودعوة لتخفيف العقوبات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية الشاب محمد شحادة .... موهبه واعدة مسكونة بالتجارب الفنية تهدف لإنجاز لوحة لاتنتهي عند حدود الإطار ال... حلب تستعد لدورة 2025: انطلاق اختبارات الترشح لامتحانات الشهادة الثانوية العامة بصفة دراسة حرة خسارة صعبة لرجال سلتنا أمام البحرين في النافذة الثانية.. وصورة الانـ.ـقلاب الدراماتيكي لم تكتمل مساجد وبيوت وبيمارستان حلب... تشكل تجسيداً لجماليات الأوابد الأثرية على طريقة أيام زمان ... معرض 1500 كيلو واط يعود إلى عصر" النملية " في عرض منتجات الطاهية السورية تعبير نبيل عن التضامن : شحنة مساعدات إنسانية من حلب إلى اللاذقية دعماً للمتضررين من الحرائق مؤسسة الأعلاف تحدد سعر شراء الذرة الصفراء من الفلاحين وموعد البدء بالتسويق