الجماهير / وفاء شربتجي
سمي بسوق العلبية نسبة لخان العلبية الذي ينتصب أمامه ، والذي يطلق علية البعض سابقا اسم ماركوبولي .
يبدأ هذا السوق من وسط سوق العطارين ، وينتهي عند خان العلبية المغلق على ذاته .
يتفرع عن يمين هذا السوق قيسارية العلبية ، وسوق الجوخ وعن اليسار سوق الحمّام .
يتألف هذا السوق من حوالي 29 محلاً تجارياً ، ويشتهر بتجارة الأقمشة.
وسمي “بماركوبولي” نسبة إلى عائلة ماركوبولي (القناصل الإيطاليون) المقيمون سابقاً داخل خان العلبية في الطابق الأول منه.
يربط هذا السوق سوق العطارين شمالاً بمدخل خان العلبية جنوباً.
يضم هذا السوق من جهة اليمين (القيسارية العلبية):
تتألف تلك القيسارية من طابقين يتوسطها فسحة صغيرة تضم حوالي عشرة غرف في الطابق العلوي، وعشرة غرف في الطابق الأرضي، يصعد إليها عبر درج واحد جهة اليمين.
تحوي قيسارية العلبية على مصبغة في الطابق العلوي تدعى مصبغة العلبية.
تعد القيساريات أحد أشكال المنشآت التجارية الحرفية ، وهي من أقدم أنواع المنشآت التجارية في مدينة حلب ، فقد كان وجودها ضرورة لتلبية حاجات المجتمع.
وإن أول نشوء لها في العصور الرومانية كان كمركز لجباية الحرير الطبيعي القادم من الصين .
واستمر إنشاؤها في العصور الإسلامية لتمارس دوراً أساسياً في التجارة والصناعة، ولها دوراً ثانوياً كمسكن مؤقت لبعض العائلات.
“القيسارية” مصطلح غير عربي دخل اللغة العربية ، مشتق من اسم “قيصر”.
أطلق هذا الاسم على الخان الصغير الذي يحوي داخله على دكاكين ومعامل تضم ورش عمل صغيرة ، تفتح على فناء داخلي ، وتتوزع عل طابقين ، وأحياناً تحتوي على قبو وبئر ماء ، كما تحوي بعضها على غرف لإقامة الغرباء والبعض من العمال .
وبما أن حلب كانت ولازالت تشتهر بصناعة النسيج ، فقد كانت القيساريات هي عبارة عن مجمعات من الأنوال النسيجية التقليدية .
تقع بعض القيساريات داخل المدينة القديمة ، ومنها ما يقع خارج المدينة .
(خان العلبية) :
تعتبر مدينة حلب ومن أكثر من ألفي عام ، مركزاً تجارياً هاماً ، فهي عقدة التقاء القوافل القادمة من الصين بحريرها ، إلى الهند بتوابلها ، إلى إيران بسجادها ، إلى العراق بحليّه الذهبية ، إلى بلاد الشام بنسيجها ونحاسياتها ، حيث تحط رحالها في خانات حلب ، ليتلقفها تجار أوربا ، وعلى رأسهم تجار البندقية ، تلك الخانات التي كانت بمثابة الفنادق ، ومستودعات للبضائع ، ومكاتب للتجار ، فتتحول الخانات إلى معارض اقتصادية كبيرة .
لقد ساهمت الخانات بشكل كبير في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لبلاد الشام ، وتعد ملتقى ومجمعاً للتجار الذين يتبادلون السلع ، ويعقدون الصفقات ، فأصبحت حلب الرئة الاقتصادية التي تتنفس منها سورية .
يعد خان العلبية مركزاً لتجارة المنسوجات ..
وهو وقف لجامع العادلية ، بناه والي حلب “محمد باشا دوقاكين العادلي”.
يدخل إليه من الجهة الشمالية ، عند التقاء سوق الجوخ والحمّام بسوق “ماركوبولي” .
على طول الجناح الشمالي للخان كانت تتوضع قنصلية ايطاليا ، وبيت عائلة ماركوبولي الإيطالية ، التي كانت تقطن في الطابق الأول من هذا الخان.
كانت تلك العائلة ذات أملاك واسعة وعلاقات تجارية كبيرة مع أشهر تجار حلب .
تبلغ مساحة هذا الخان ٥٥٥٠ م٢ .
يتألف من حوالي(٧٠) محلاً تجارياً ، موزعأ ما بين الطابق العلوي والأرضي ، معظمها كان يختص بتجارة الخيط .
يتوسط هذا الخان عدة محلات كانوا يستخدمونها سابقا كمكاتب للبيع والشراء ، كما تحوي على حمامات .
تتكىء على طرف اليمين لهذا الخان مدرسة “العرفان” ، التي تتألف من طابقين يصعد إليها بدرج طويل ، تحول بعد ذلك طريق الدخول إليها ليصبح من داخل سوق المحمص للمحافظة على خصوصية الخان .
ومع الزمن تحولت غرف هذا الخان إلى معامل لتصنيع المطاط والملابس الداخلية .
وفي عام ٢٠١٤ م ، أثناء الحرب الجائرة على مدينة حلب ، تهدمت أجزاء كبيرة من هذا الخان والسوق والقيسارية .
وعبث الإرهابيون بتلك الأمكنة وحولوها إلى أماكن قنص واقتتال ، وشوهوا معظم ملامحه القديمة ، تاركين خلفهم أبشع صور لاغتيال الجمال ..
آملين عودة الحياة لخانات كانت تعبق بتاريخ عريق عبر الأجيال .
رقم العدد ١٦٣٧٠