قراءة في رواية (زمن يغتال موجة) للأديبة مريانا سواس

الجماهير / مزعل المزعل

يتحول صوت عقارب الساعة إلى سياط تجلد ذاكرة مثقوبة، قد نبتكر خديعة كوننا أحياء، فتقرر مريانا سواس فجأة على لسان بطلة روايتها ( زمن يغتال موجة ) أن تلقي بتفاصيل حياتها ( أو موتها ) على الورق .. . وكان السؤال المقصلة :
“هل تفقد ذاكرتنا الحياة حين نستعيد حياتنا من الذاكرة “؟” يمان” المفتونة بدير مريم عاشقة الخريف وقراءة الوجوه تختار اللاإبحار. يمان سليلة الأسرة العريقة ابنة إياس وفريال خذلها يزن ( المسحوق ) في أول مواجهة مع الحياة فتقرر أن تعمل بنصيحة السيد المسيح (لاترم بلآلئك تحت أقدام الخنازير)، فمشكلة يمان أنها أكثر طهرا مما يحتمل الواقع. فقدت يمان والدها وهي طفلة صغيرة، لكن جدتها لأبيها كانت بمثابة مملكة للحكمة بخزين لاينضب (جليلة خانم ) … فريال: امرأة من فولاذ لم يستطع عبق الرجال، لا بل ولا طيشهم اختراق سورها الحديدي .
تخرجت يمان وقررت (بحذر) ألا تمشي في طريق الأحلام مادام من رسم الأحلام قد مات . . . . الآن : إن ترتيب المكان وتوزيعه على مساحة السرد ساهم مساهمة فعالة في قوة النص وتماسك بنيته، فالإشارة الجغرافية لا تمتلك كامل طاقتها الدلالية إلا من خلال تنسيقها الجملي أولا والنصي ثانيا، وقد تمكنت من كل ذلك مريانا سواس . هذا أولا. . ثانيا: الشخصية النصية والتي تكثفت في شخصية الجدة بداية حيث لعبت أكثر من شخصية من خلال الرجوع إلى فترات متباعدة كشاهدة على ماحدث في سورية منذ خروج المحتل العثماني إلى بدايات مرحلة التحرر الوطني . .
أما شخصية النص المحورية يمان فهي شخصية طرحت أفكارها وفق تسلسل زمني مدهش حيث أظهرت نضجا معرفيا عند كل مفترق من حياتها، أي أنها تماشت في الطرح مع التقدم في العمر والمعرفة .
لكن جابر كانت له حكاية أخرى: شخصية دراماتيكية يدخل الرواية مثقلا بهموم وخيبات دامية، أراد فصل الدين عن يمان لكن الأمر بدا صعبا جدا فتتساءل يمان :
هل وجدت الأديان لتفرق بين البشر أم لتوحدهم؟!. مرة أخرى يبدو أن قدر يمان اللاإبحار .
غياث العائد من المغترب بعد أن أتم دراسته عاد ليسقي تراب الوطن بدمائه غير مكترث بما سيترتب على نبأ استشهاده من كوارث .
ماحدث : تمت خطوبة يمان بدهاء ماكر بدا وكأنه عفوية مطلقة ….تم ذلك بسبب تقاليد زائفة سلطت الكاتبة الضوء عليها ببراعة، فريد القادم من ( هناك ) والذي لا يميز كثيرا بين محاكاة الزهور والاتجار بها، طبيب مزقته البيئة الشعبية قبل أن يصل من يمان وتمكنها منه . .
يمان مرة أخرى: شبيهة القلعة في كل شيء ، وأي حنين يعصف شوقا لـ ( هبة ) التي تعاني من متلازمة داون. في النهاية: مات من مات وهاجر من هاجر. وحدها القلعة يمان بقيت كعرافة كوماي بين أزهارها فلربما هي الوحيدة القادرة على أن تجعل معنى لحياتها . .
(زمن يغتال موجة) رواية جديرة بأن يسلط الضوء عليها أكثر لاحتوائها على معان ومستويات عديدة.
رقم العدد 16372

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
احتفالاً بيوم الطفل العالمي.... فعالية ثقافية توعوية  لجمعية سور الثقافية  جلسة حوارية ثانية: مقترحات لتعديل البيئة التشريعية للقطاع الاقتصادي ودعوة لتخفيف العقوبات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية الشاب محمد شحادة .... موهبه واعدة مسكونة بالتجارب الفنية تهدف لإنجاز لوحة لاتنتهي عند حدود الإطار ال... حلب تستعد لدورة 2025: انطلاق اختبارات الترشح لامتحانات الشهادة الثانوية العامة بصفة دراسة حرة خسارة صعبة لرجال سلتنا أمام البحرين في النافذة الثانية.. وصورة الانـ.ـقلاب الدراماتيكي لم تكتمل مساجد وبيوت وبيمارستان حلب... تشكل تجسيداً لجماليات الأوابد الأثرية على طريقة أيام زمان ... معرض 1500 كيلو واط يعود إلى عصر" النملية " في عرض منتجات الطاهية السورية تعبير نبيل عن التضامن : شحنة مساعدات إنسانية من حلب إلى اللاذقية دعماً للمتضررين من الحرائق مؤسسة الأعلاف تحدد سعر شراء الذرة الصفراء من الفلاحين وموعد البدء بالتسويق