د.حليم أسمر
يسير في الدروب
متأبطا حقائبه،
يلسعه حر ّالشمس
يترنح,أثملته الأيام
يتلذذ
بأوراقه القديمة…
دفاتره المبللة ببقايا تعرق يديه
أقلامه المتنوعة مبرية كيفما اتفق
نياشين يضعها على سترته
يكتب ملاحظاته يتوه بين معاني الكلمات،
في جيوب سترته المهترئة ذكريات السنين
نتف خجولة من أوراق روزنامة
أغصان نباتات يابسة تركها للذكرى
زمنه زمن الفواجع والانكسارات
احترت بأمره
رمقني بنظرة عتاب
قال:
ياشاب: أين أنت؟
أين لهفتك لأخباري
وأقاصيص أبطال الحكايات
ابتسم وقال :
أعرفك من أيام الدراسة في دمشق
أيام نهضة العقل والمشاريع الفكرية
صادفتك في المقاهي(الهافانا) والرواق
في روابي الربوة والغوطة!!!
ألا تذكر أحياء باب توما
ومقهى النوفرة تجمع مختلف الأعراق!!
بجانب أركيلة أو شاي الخمير أو كاسات الكمون؟
ياشاب يا أسمر أنا (زكريا)…
هدني الزمان
عصفت بي الأنواء:
ألا تذكرها,هل نسيت غادتي الحسناء؟
تركتني وصارت وراء البحار
تبحث عن مجد زائل
سافرت روحي معها ياشاب….
توقف هنيهة عن الكلام
تمعنت بذاك الوجه الملوح بشمس الشرق
دققت به:
قلت عرفتك يا أخي عرفتك
أنت من طوع المنطق
وعاين الميتافيزيق
وراهن سيزيف
أيها المتناغم مع فيثاغورث
وجدل هيغل وعبثية كامي
أنت ياعاشق غثيان سارتر
وأشعار هومير وطاغور
أنت يامن لاحقت التخوم
وأشرفت ومشيت على شفير الهاوية
آه آه ياصاحبي
يارفيق الصبا
يا مجدد ألحان الحياة
يا مفعم برونق السنين
يا من كسا شعره بياض حرمون
عرفتك جدا
وهل أتبرأ من ذاكرتي
هل أضع تاريخي في أرشيف متحفي؟!
هكذا مضى صديقي بين جذوع الأشجار
الأشجار التي تعرضت لأيدي الجناة عليها من
قسوة الشتاء!!!
وغاب كعادته
وتركني على هذه الحال
يا عالم الأحوال….
أيها المرتجى قبل الزوال…!!!.
رقم العدد 16375