الجماهير – بيانكا ماضيّة
للكتابة طقسٌ لابدّ من أن تتوافر فيه شموع الأفكار، وموسيقا الحروف، لها ذبذباتها التي تخلق عوالم مختلفة نبتغي الوصول إليها ولو ببعض من خيال.. نستقي مما حولنا من مشاهد ومواقف وأحداث مادة لهذه الكتابة، نتوقف عند المعاني التي نريد أن تصل للقارئ، هذه المعاني التي تنطوي على الكثير مما يجب، ومما كان، ومما لابد من حصوله، وعلى الكثير من القيم والمثل التي نزرعها في ثنايا هذه الكتابة.
نكتب عن الألم والأمل، عن الحب والحياة، عن الحنين والغياب، عن المعاناة والفرح، ونرسم بالألوان هذه العوالم، ونجعل لها سماء وأرضاً وعرائش وأشجاراً ونباتات مزهرة، ونرسم الطرقات ونطيّر العصافير، وننسج من الحروف ينابيع مياه، ومن المعاني مساحات شاسعة من البساتين المخضرّة، ونحلم نحلم..
نستعيد الذكريات ونحزن لأنها مضت، وتأخذنا إلى حيث كانت البهجة والسرور والحبور منثورة على طرقاتنا، ولكننا نأمل ونأمل، ولاشيء سوى الأمل في أن تعود تفاصيل حياتنا كما كانت ملأى بتلك البهجة.
في هذه الكتابة نتوقف عند الكثير مما يفرحنا ويؤلمنا معاً، مما نودّ أن نزرعه شتلات حبق في كل مكان، وأشجار ياسمين لتفوح بعطرها، نغني للفرح، ونحزن للآلام، نغني لنصر، ونحزن لدمعة طفل، نستعيد الماضي، وعيننا على الغد..
ولكن في كل كتابة نكتبها، وإن كانت حافلة ببعض من مآس وعذابات، هناك نوافذ تطل على الأفق، ومنها نتطلع إلى غدنا المشرق.