الموهبة فاتن الحلو … وهمسات تشكيلية

الجماهير – أسماء خيرو

موهبة أتقنت إنتاج حلمها الفني بأسلوب تعبيري واقعي، فنها الحديث الولادة مكنها من أن تبني جسرا من مفردات الفن الصامت لتنقل بشكل لاشعوري همسات إنسانية ، أعمالها لا تعرف الهزيمة أو اليأس أو الانكسار مع أن بعضا منها يعزف لحنا من موسيقا الواقع الموحشة، حين تتأمل لوحاتها يشدك المضمون يهمس لك بأحاسيس المرأة ويدعوك للعودة إلى الصفاء والنقاء ،تختار ألوانها بعناية من أجل الوصول إلى الخصوصية وبأسلوبها الواقعي الهادئ تحقق ذاتها وتتمرد وتفشي الكثير من الأسرار ، هي شابة تعمل معلمة صف، أم لطفلتين ، معرضها الأول أقيم منذ أسابيع قليلة وحاز على أصداء إيجابية.
وعن هذه التجربة الحديثة الولادة والمعرض الذي أقامته كان للجماهير معها هذا الحوار :
*عندما نريد البدء في مشروع ما لابد لنا أن نستعين بأحد ما ، بمن استعنت حتى تتمكني من البدء بمشروعك الفني ؟
نعم كل منا يحتاج من يعينه على البدء ، وكوني أمتلك الموهبة منذ نعومة أظفاري أردت أن أبدأ هذا المشروع بشكل أكاديمي، أن أحيط بكل جوانبه وأن أتعرف على خفاياه، بدأت البحث والتحري كيف يمكنني أن أصقل موهبتي الفنية أكاديمياً ، وبمساعدة بعض الأصدقاء تعرفت بالفنانة لوسي مقصود وبدأت معي من الصفر ، من الرسم بالرصاص والفحم وصولاً إلى استخدام الألوان الزيتية وأنتجت أول لوحة لي جسدت فيها المرأة الفارسة ، وكانت الفنانة لوسي نعم الموجه والمعين وقد شعرت بأن في داخلي حسا إنسانيا فعملت على تنميته ،إذ كانت دائما تصر على أن يكون لوني نظيفا ، لقد تركتني أحلق كالطائر الحر، لم تقيدني ولم تحولني إلى ناسخ ، وأنا أقدر وأحترم فيها هذه الصفة إنها مثال الإنسان الذي يترك الأثر الطيب والعميق في القلب والروح ، نعم لقد جعلتني أجد ذاتي التي كنت أبحث عنها منذ زمن في الفن التشكيلي، وأصقل موهبتي بطريقة ثقافية وأن أتلمس الجمال بأبعاده الواقعية ،وها أنا اليوم بدأت مشروعي الأول وأقمت معرضا يحمل بصمة خاصة بي .

* حدثيني عن المعرض الذي حمل بصمتك الأولى، ما هو عنوانه وما سبب التسمية وما الأفكار التي جسدها وانحاز لها ؟
عنوانه كان همسات مكون من ٢٦ لوحة تنوعت ما بين الأعمال الجريئة التي تتحدث عن العلاقة الرومانسية ما بين الرجل والمرأة ،وما تعانيه المرأة من تناقضات المجتمع الشرقي، إضافة الى أعمال جسدت فيها البراءة برسم أطفال يعيشون معنا في الواقع ، وسبب التسمية أني أردت من أعمالي أن تهمس بالكثير من الأحاسيس المتعلقة بالمرأة الحالمة القلقة، الواهمة ، الجامحة، المتحدية ،المنتظرة بصيص أمل ، إضافة لأحاسيس طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة التي حاولت أن تهمس بالوجود وبأنها ذات ضرورة في الحياة، لقد أردت من أعمالي أن تبوح بالكثير من الأسرار التي يتجنب الواقع الحديث عنها، إنه ينحاز للمرأة والطفل والمشاعر الإنسانية الصادقة التي للأسف بتنا نفتقدها في هذا الزمن ..
* قلت إنك تجرأت وجسدت العلاقة الرومانسية ما بين المرأة والرجل ألا تعتقدين بأن الجرأة في الطرح تعتبر تجاوزا لحدود المجتمع الشرقي الذي يبيح للرجل ما لا يبيحه للمرأة ؟
لا أنا لا أعتقد ذلك، أقول لك : الفن عليه أن يكون حراً ما الفائدة من فن مقيد، إن جرأتي ماهي إلا انتفاضة طبيعية موجودة في داخل كل فنان يريد أن يطرح فكرة مخالفة لما يرى أو يعتقد الآخرون ،صحيح أن المجتمع يقول عنها جرأة ولكن هي من وجهة نظر الفنان تمتاز بالعقلانية ، لقد لجأت إلى الجرأة في الطرح حتى أقول للمجتمع الرجل والمرأة متساويان في كل شيء لا فرق بينهما..
* وبعيداً عن الجرأة في الطرح عندما ترسمين عم تبحثين ؟ وكيف تختارين اللون المناسب لعملك؟ ومتى العمل الفني يحقق الجمال ؟
عندما أرسم أبحث في أعمالي عن ذاتي عن الصدق عن الفطرة والعفوية، وأنا لا أختار اللون إنها اللوحة هي من تختاره وتشير إليه ، فالفكرة التي أريد أن أجسدها هي من توصلني إلى اللون المناسب، فكل فكرة لها لون خاص بها ، ولقد كان اللون الترابي طاغيا على معظم الأعمال في المعرض كتجربة أولى لأني أردت اللون القريب من البشر ( لون الطين ، والأرض ) والعمل الفني يحقق الجمال عندما يتمكن من إيصال الإحساس الصادق عن طريق الطرح الراقي المناسب .
* دائما في بداية كل شيء تعترضنا صعوبات، كتجربة أولى ما الصعوبات التي اعترضتك ؟
كتجربة أولى لم تكن صعوبات بقدر ما كانت هواجس وصراعات كثيرة بين كيف سأجسد الفكرة التي تعبر عن المعنى المقصود ؟ ماهي الطريقة المناسبة للتأليف والإخراج ؟ هل أعمالي ستلقى استحسان الجمهور؟ هل سأنجح أم أن الفشل سيكون حليفي، كل هذه الهواجس كانت تؤرق مشروعي الفني، ولكن بفضل من الله ودعم عائلتي وزوجي وبمساعدة الفنانة التشكيلية لوسي مقصود التي أشعر بالامتنان العميق لها استطعت أن أتخطى كل ذلك وأنطلق إلى عالم الفن الذي وجدت فيه ذاتي للعيش داخل كل عمل فني .

*المعرض أقيم منذ أسابيع قليلة حدثيني عن الأصداء هل كانت إيجابية أم سلبية ؟
الحمد لله لقد كانت إيجابية حازت معظم الأعمال على رضا واستحسان معظم من شاهدها، وخاصة لوحة الفتاة التي تجلس على الأرجوحة وتمسك بالدمية إذ علقوا بأنها تنبض بالحياة بالرغم من أن الفتاة لا تستطيع النطق أو الحركة لقد حاكت بواقعيتها الحضور وأخذتهم إلى عالمها الفطري المغلف بشريط من الحرير الوردي بالرغم من مآسيه ، الحقيقة لقد جسدت في هذه اللوحة ابنتي الصغيرة لأشير بأن هؤلاء الأطفال قادرون على التعبير بعيونهم وإن حرموا من نعمة الكلام أو الحركة، إنهم قادرون على وهب السعادة لمن حولهم وأن يولدوا الطاقة الإيجابية، صغيرتي كانت الدافع للإبداع، كانت تمدني دائما بطاقة إيجابية ومنحتني الكثير من الأفكار، كانت بمثابة نغمة روحية ووحي لمعظم أعمالي ..
*وقبل أن أختم معك هذا الحوار من تجربتك الأولى ماذا تعلمت وما هو موقفك من النقد السلبي ؟
تجربتي الأولى علمتني أن أرسم بإحساس عميق وأن أحول طاقتي السلبية إلى إيجابية، أن أتعامل مع الجمال وأحس به ، أن أقتبس الأفكار من الأطفال الذين أصادفهم في الشارع، من بائع الخضرة ومن الخيال ، وموقفي من النقد السلبي بالتأكيد أنا أتقبله وبكل رحابة صدر ، لأني اعتبر نفسي فنانة مبتدئة لم أصل بعد إلى مرحلة الاحتراف ، الإنسان عليه أن ينصت لجميع الآراء الناقدة ويحترمها وإن كانت سلبية ولكن في الوقت نفسه يحول هذا النقد إلى دافع للاستمرار والتفوق لا العكس ..

*وختاما، الفن يستهلك الوقت كيف كأم وعاملة استطعت التوفيق مابين كل هذه الأمور، وما هي أمنياتك ؟
الحقيقة استطعت التوفيق ما بين البيت والفن والعمل بمساعدة زوجي الذي كان مثالا للاحتواء والفهم رغم أنه رجل شرقي ولكنه رغب أن أعمل ما أحب، وعلى ما أظن كان دعمه لي بمثابة شهادة تكريم لأم تحمل مسؤولية طفلة لها احتياجات خاصة، وأنا أقدر له هذا الدعم كثيراً، إضافة لعائلتي التي كان لها أيضا دور أساسي في حياتي، لقد كانوا متعاونين لأقصى الحدود أخذوا بيدي لأنطلق في عالم الفن وأحقق حلمي الفني ، وما أتمناه أن يسعى الإنسان وراء حلمه وأن لا يترك أي عائق يحول بينه وبين ما يحب، وها أنا أكبر مثال على ذلك ، لقد انطلقت في ظروف صعبة ووقت متعب والحمد لله في طريقي للنجاح ، وأريد أن أضيف كلمة أخيرة بتوجيه الشكر الجزيل للفنانة العظيمة لوسي مقصود التي صقلت موهبتي بذكاء وجمال، لقد كانت هدية لي من الله سبحانه وتعالى، والشكر لكل من دعمني ولكادر الجماهير على هذا الاهتمام .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
احتفالاً بيوم الطفل العالمي.... فعالية ثقافية توعوية  لجمعية سور الثقافية  جلسة حوارية ثانية: مقترحات لتعديل البيئة التشريعية للقطاع الاقتصادي ودعوة لتخفيف العقوبات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية الشاب محمد شحادة .... موهبه واعدة مسكونة بالتجارب الفنية تهدف لإنجاز لوحة لاتنتهي عند حدود الإطار ال... حلب تستعد لدورة 2025: انطلاق اختبارات الترشح لامتحانات الشهادة الثانوية العامة بصفة دراسة حرة خسارة صعبة لرجال سلتنا أمام البحرين في النافذة الثانية.. وصورة الانـ.ـقلاب الدراماتيكي لم تكتمل مساجد وبيوت وبيمارستان حلب... تشكل تجسيداً لجماليات الأوابد الأثرية على طريقة أيام زمان ... معرض 1500 كيلو واط يعود إلى عصر" النملية " في عرض منتجات الطاهية السورية تعبير نبيل عن التضامن : شحنة مساعدات إنسانية من حلب إلى اللاذقية دعماً للمتضررين من الحرائق مؤسسة الأعلاف تحدد سعر شراء الذرة الصفراء من الفلاحين وموعد البدء بالتسويق