الجماهير – بيانكا ماضيّة
كضالة تبحث عن حلم ضائع أجد في طريقي المحتفين برحيلهم عن البلاد، المشتهين لقاءها بكثير من دمع لعناق حاراتها وأزقتها، أرى المتسائلين عن المعاني الغائبة يبحثون عن كسرات يقين، لعل الغائب عن عيونهم يجدونه في صورة ما..هائمين في الوديان والجبال، في المدن، في الذكريات التي ينتفضون فرحاً في تذكّرها، يشتهون العودة إلى ألقها وما من أمل، ولكني أرى أملاً يوزّع عطره على المتأهبين لاقتناصه، وقليلون من يمسكون بتلابيبه، يخشون فقدانه في زحمة حياة يصارعون فيها كيلا يضيع في طرقات الحزن والتعب، ليس لهم عنوان إلاه حتى وإن كانت حروفه تحمل كثيراً من ألم فاض على الملأ.
كضالة تبحث عن معنى ضائع أجدني أرتّب الحروف، يربكني تمرّدها، انتفاضها، كأنها تعلن عن خيبتها من احتضانها تفاصيل كثيرة لطالما كانت الكتابة عنها تريح النفس ولو قليلاً، وباتت اليوم تعاني من اللاجدوى، من اللامبالاة، تعود لانتفاضتها عسى أن يتغير حال المعنى، لتتراقص على لهب التمنّي والأحلام، فتسرح في اللوحات المرسومة بكل عشق وحب، تحنّ إلى المفردات السهلة الممتنعة، التي تهب نفسها لقارئها لتتغلغل إلى داخله وهي فرحة بهذا المكوث الأبدي.
كضالة تبحث عن لوحة رسمت ذات حلم، ذات شوق، ذات ألق، مازلت أحرّض الحروف على ارتكابها معصيّة المعنى، عسى أن أجد في هذا المعنى الضائع ضالّتي!.