مزعل المزعل
هب أنك قابلت عنترة بن شداد الآن وبالمصادفة ، وشرحت له بأن قصيدته من البحر الطويل ( مثلا” ) كانت أكثر جمالية من تلك التي من البحر الوافر !
هل سيستطيع ابن شداد أن يكمل معك في نفس الحديث ؟
هل سيشكرك ؟ قطعا” لا . . وعلى الأرجح أنه سيضحك كثيرا” من طريقة تعاطيك لشعره . . لنذهب أبعد من ذلك :
ماذا لو قلت له أي ( عنترة ) أنه يستطيع رؤية عبلة ابنة مالك وهو في فراشه ؟
قد يتهمك بالجنون . . لا وقد يطيح برأسك !
الآن :
ماذا لو قلت له بأن معركته الأولى ليس لها داع لأن هناك قانونا وضعيا يمنع الرق والعبودية . . ؟
ستدرك حينها أنك تحدث الرجل الخطأ .
أردت الدخول بهذا المنطق لأقول :
بأن ( الملك) سيكون مشدوها” من هول ماطرأ على الكون من تغيرات ، فلماذا للملكيين رأي آخر !
لكن من ناحية أخرى عنترة لن يفوته بأن يقول لك في آخر الحديث وبكل هدوء بأنه كان يعبر من خلال شعره عن أسلوب حياة ، وقد قام بتصويرها بدقة تعكس أوجهها المتعددة آنذاك . .
السؤال الآن :
كيف نعبٌر عن أسلوب حياتنا المعاصرة ؟
كيف نصورها بدقة عالية ؟
كيف ننقل هواجسنا ، قلقنا ، نزقنا، أسئلتنا ، أجوبتنا . . إلخ
كل هذا برأيي يحتاج إلى نصوص وأجناس في نص واحد يطيح بأحادية الجنس ، أو بمفهوم التجنيس ككل .
فالأدب وفق ( تيودوروف ) فعل إنساني دون قيود !
ولكن في الوقت نفسه هذا سيقودنا إلى سؤال أكثر تعقيدا . . . ماهو النص الواحد ( صاحب الجنسية بدون ) والذي يمتلك نمطا فنيا للذات بكل أبعادها؟
إنه النص المونودرامي . . .
فالذات في النص المونودرامي نمط فهي ورغم فردانيتها إلا أنها تظل على تماس مع المجتمع منفتحة على مجمل تحولاته وأفكاره ، لذا فإن الذات بكل أبعادها الفردية في متن النص المونودرامي تنفتح على الفضاء المجتمعي مايعني شموليته لتلك الشخصية وماتحمله من منظومة الأفكار المجتمعية . .
وهو مايبرر لدينا حضورا لمفهوم الشعرية سواء في أبعادها الفنية أو في المضامين التي تتسع لأفكار تناظر بها المونودراما.
فالنص المونودرامي نص له بنية من الأشكال السردية والحوارية والثيمات النفسية والأنثروبولوجية، والسيرة الشخصية ، ليكون في النهاية فضاء” واسعا” لحضور مجموعة نصوص وأجناس في نص واحد مايطيح بأحادية الجنس أو مفهوم التجنيس .. !