بقلم الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة
ليس ضرباً من الخيال ولا تنظيراً في سجال، ولا استقداماً من عالم المثال عنوان هذه المقالة، بل هو حقيقةٌ ثابتةٌ وواقعّ مَعاش.
الإنسان الذي يمد يد العون لمحيطه يُعان من الله تعالى.
الإنسان الذي ينفق على الناس ابتداءً من الدائرة الأولى: الأبناء والآباء والإخوة والأخوات ثم التي تليها من دوائر القرابة والمحتاجين، فإن تلك النفقة معوّضة ومخلوفة عليه لا محالة.
قال تعالى في محكم التنزيل:
(وما أنفقتم من شيءٍ فإنه يخلفه وهو خير الرازقين) سورة سبأ الآية 39
ويقول الله في الحديث القدسي:
(يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) رواه مسلم .
ومن هنا نُدرك أن الإنفاق بمختلف أنواعه سواءً كان مالاً أو جاهاً أو شعوراً هو معوّض من الله تعالى ومخلوفة على المُنفق.
ورب سائلٍ يقول: قد يوجد من ينفق فلا يجد ذلك التعويض المادي.
والجواب هو أن التعويض والإخلاف على شكلين: إما تعويض مادي حسي: كمن ينفق العشرة فيعوض الله عليه بعشرين وثلاثين. (الصدقة بعشرة أمثالها إلى سبعمئة ضعف)
التعويض المعنوي: ويكون بالعافية والحماية والرعاية وحفظ الأبناء والسعادة وغير ذلك.
(صنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السوءِ و الآفاتِ و الهلكاتِ، و أهلُ المعروفِ في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) رواه السيوطي في الجامع الصغير.
وفيما يروى من حكايا زمن سيدنا موسى عليه السلام أن رجلاً طلب منه أن يدعو الله أن يغنيه فقال موسى عليه السلام: (يا هذا قليلا تشكره خير من كثير يطغيك) فقال الرجل لموسي عليه السلام: ادع الله أن يوسع علي في الرزق عامين.
فطلب موسي من ربه أن يوسع عليه عامين. واستجاب الله له.
فتشاور الرجل وزوجته ماذا يفعلان في هذين العامين؟
فبني الرجل بيتاً له أربعة أبواب وكتب على الباب الأول: هنا يُطعم الجائع. وكتب على الباب الثاني: هنا يُسقي الظمآن. وكتب على الباب الثالث: هنا يُكسى العريان. وكتب على الباب الرابع: هنا تُقضي الحاجات.
وكلما مر موسي عليه السلام على الرجل وجد أناساً كثيرين على الأبواب حتي انتهى العامان وزيادة ولم يُمنع الرزق عن الرجل ولم يُغلق باب من الأبواب فسأل موسي عليه السلام: يارب وسعت عليه عامين ولكن تركته حتي الآن.
فقال الله تعالي: يا موسي فتحت على عبدي باباً واحداً ففتح أربعة أبواب, أيكون العبد أكرم من سيده.
لعله نداءٌ في هذه الأيام المباركة أن يجتهدوا في الإنفاق
إن الإله مضاعف أرزاقنا…
أتريد رزقاً سر وكن مُتَصَدّقا.