من هي صاحبة فكرة إقامة يوم عالمي للمرأة؟! … احتفالات في دول ودعوات دينيّة متشدّدة لعدم الاحتفال به في دول أخرى!.
الجماهير – بيانكا ماضيّة
جاءت فكرة تخصيص يوم للمرأة عندما قدّمت زعيمة “مكتب المرأة” للحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا “كلارا زيتكين” فكرة يوم المرأة العالمي في عام 1910م، واقترحت أن يحتفل كل بلد بالنساء في يوم واحد من كل عام للضغط على تحقيق مطالبهن، وبالفعل وافقت أكثر من 100 امرأة من 17 بلداً على اقتراحها وشكّلت شعبة النهوض بالمرأة.
ويهدف اليوم العالمي للمرأة للعديد من الأهداف أبرزها تذكير العالم بدور المرأة القوي والمؤثر في المجتمعات، والاحتفال بإنجازاتها، والاهتمام بقضاياها، ودعم وتشجيع المساواة بين الجنسين.
وتحتفل كل دول العالم في الثامن من شهر آذار من كل سنة باليوم العالمي للمرأة، وذلك تقديراً لمكانتها في الحياة السياسة والاقتصادية والاجتماعية ودورها الفعال الذّي تلعبه في مختلف المجالات.
ويعود اختيار هذا التاريخ بالتحديد إلى انعقاد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس سنة 1945، لتشهد العاصمة نيويورك سنة 1856 في هذا التاريخ احتجاجات نسائية نتيجة عملهن في ظروف لا إنسانية، لذلك تمّ اختيار 8 آذار كتاريخ لتخليد المظاهرات النسائية في نيويورك.
وتواصلت الإنجازات المرتبطة بهذا التاريخ حيث أعلن الاتحاد السوفييتي سنة 1917 قراره بتحديد يوم 8 آذار كعطلة رسميّة بعد نيل المرأة حقّها في التصويت، لتقرّر الدول الاشتراكية لاحقاً اعتماد الإجراء نفسه.
وفي سنة 1977 دعت الولايات المتحدة دول العالم لاختيار يوم من السنة للاحتفال بالمرأة وتقدير مجهوداتها، لذلك قرّرت أغلب دول العالم تحديد يوم 8 آذار كيوم للاحتفال بالمرأة في مختلف مواقعها واعتباره تاريخاً لنضالهنّ.
شاهدنا أمس احتفالات عديدة بهذا اليوم أطلقتها فعاليات ثقافية وفنيّة متنوعة، أكان في سورية، أم في دول أخرى، إضافة إلى كتابة العديد من المقالات والاستطلاعات التي تناولت معاني هذا اليوم، إضافة إلى التهاني التي قدّمت إلى المرأة في اليوم العالمي للاحتفال بها.
دعوات متشدّدة
في المقابل نشهد دعوات دينيّة متشدّدة في بعض الدول، وللأسف جاءت من نساء عربيات كاتبات، اعتبرن أن منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1977م تبنّته بزعم الدفاع عن حقوق المرأة، وبذريعة تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة؛ لمحاربة الأسرة المسلمة التي تروم عفةَ المرأة المسلمة، وأن الغرب أقام مايقارب 24 مؤتمراً دولياً لا ليناقشوا الحالة المزرية التي صارت إليها المرأة الغربية، وإنّما لجعل نساء المسلمين يتشبّهن بنسائهم، وقد أكدت مطلقات تلك الدعوات أنّ الأمم المتحدة ومن منصّة الجمعية العامة، دعت إلى الاحتفال بيوم المرأة في الثامن من آذار؛ للتذكير بحقوق المرأة، بينما هو في حقيقة الأمر- على حدّ قول صاحبات تلك الدعوات- استهداف للمرأة؛ لتحريرها من قيمها ومبادئها، وإبعادها عن الفضيلة للسير وراء بريق الحضارة التي تجرّدها من كُل القيم الأخلاقية والدينية، والجعل منها مجرّد سلعة رخيصة في سوقِهم العالمية. وأن الاحتفال بهذا اليوم كيوم للمرأة هو لاستهداف المجتمعات والتلاعب بعقول الشعوب المسلمة.
فهل يشكّل الاحتفال بهذا اليوم خطورة على الأسر المسلمة والمرأة المسلمة، على حدّ تعبير تلك الدعوات؟! أعتقد أنّ في الأمر مبالغة وتشدّداً كبيرين، فالاستهداف الغربي كان للمنظومة الأخلاقيّة المتأصّلة بالأسرة والمجتمع الشرقي عامة وليس فقط للمرأة، كما أنّ الحفاظ على القيم والمبادئ والفضائل والقيم الأخلاقية والدينية بالنسبة للمرأة لايتعلّق بالاحتفال بيوم عالمي تحتفل به نساء العالم كله، من عدمه، وأنّ المساواة بين الرجل والمرأة ضرورة حتميّة في هذا العصر، إلا إذا كانت تلك الدعوات تبتغي أن تبقى المرأة في موضع أقلّ شأناً من الرجل، وتبتغي أيضاً انعزالاً وانغلاقاً عن المجتمع العالمي عامة، والمجتمع العربي خاصّة، هذا المجتمع الذي لايشكّل الدين الإسلامي وحده الدين السائد فيه، ولابدّ هنا من الإشارة إلى سورية العظيمة، سورية التي تشكّل لوحتها الفسيفسائية الجميلة المتناغمة المتكوّنة من جميع الأديان والمذاهب والإثنيات صورة ناصعة البياض عن هذا المجتمع، مع العلم بأنّ الدين الإسلامي لايدعو إلى الانغلاق أو ألا تأخذ المرأة دورها الحقيقي في هذه الحياة، فتسعى جنباً إلى جنب مع الرجل في سبيل التغلّب على مصاعب هذه الحياة، وفي هذا تناقض كبير بين ما يطالب به الدين الإسلامي من تحرّر وانفتاح إنساني وبين ماتطالب به تلك النسوة من انغلاق وانعزال، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نرى تلك المرأة الساعية إلى الانغلاق، نراها منزجّة فيما صنعته الحضارة الغربية من تطور وتقدم على غير صعيد، وأولها وسائل التواصل هذه التي من خلالها أطلقت تلك الدعوات!.