بيانكا ماضيّة
يصادف يوم 24 نيسان من 2022 العام السابعة بعد المئة على الإبادة الجماعية لأجدادنا الأرمن والآشوريين والكلدان والنبطيين اليونانيين والعلويين من قبل الإمبراطورية العثمانية والتي وقعت في عام 1915 خلال وبعد الحرب العالمية الأولى..
وتعتبر مذابح تركيا بحق المسيحيين جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ الحديث، إذ تمت إبادة مليون ونصف المليون أرمني. فيها استخدم العثمانيون أقذر وسائلهم الإجرامية بحق هذه الشعوب (قطع الرؤوس، بقر بطون الحوامل، صلب، وحرق)، وغيرها من جرائم وحشية بحق الإنسانية.
وللعلم فإن عملية الإبادة والتهجير التي تمت بحق أجدادنا الأوائل لم تقف عند هذه الحدود، فبعض العائلات وهرباً من بطش العثمانيين، وكان لديهم فتيات جميلات وخوفاً من قتلهن أو اغتصابهن اتجهوا نحو نهر الفرات، وتناولوا قليلاً من تراب الوطن المقدس (كقربان) وألقوا بأنفسهم في النهر..فيما ألقت فتيات أخريات أنفسهن في النهر بعد اغتصابهن..هذا ما تحدثت عنه إحدى الناجيات الأرمنيات من المجزرة الأرمنية.
كما كان العثمانيون يدفنون الأرمن تحت التراب ويتركون رؤوسهم ظاهرة فوقه، ثم يمرّون بأحصنتهم فوق رؤوسهم..ومن لم يمت يطعنونه بالخنجر..
وبالعودة إلى سبب هذه الإبادة فإن الكتب التي أرخت لهذه الإبادة وكذلك الأفلام الوثائقية عنها تذكر أن المشكلة بدأت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، إذ قامت الدولة العثمانية بادعاء أن روسيا عملت على استثارة الأرمن القاطنين بالقرب من الحدود الروسية العثمانية، وأنها عملت على تدريبهم وإمدادهم بالمال والسلاح، وقد قدمت بريطانيا الدعم للدولة العثمانية من أجل تفتيت هذه المنظمات التي تم تدريبها للفتك بالدولة العثمانية، حتى أن الزعيم مصطفى كامل المصري قال إن الحوادث الأرمنية كانت فريسة الدسائس الإنكليزية .
وهناك من يبرر للأتراك مذابحهم ضد الأرمن، بأن الأرمن خانوا الدولة العثمانية، وفي الحقيقة هذا عذر أقبح من ذنب، فهذا التبرير الوقح للمجزرة، كمن يبرر للإسرائيليين قتل الفلسطينيين لأنهم معادون لدولة إسرائيل فيعتبرونهم خائنين..
لم يشهد التاريخ جرائم أقبح من إبادة الأرمن على يد العثمانيين الأتراك، وقد قام هؤلاء الشياطين بأفظع الجرائم بحقنا نحن السوريين عبر أدواتهم الإخوانية في الداخل، مذ بدء الحرب في سورية ..
وبم يختلف الماضي عن الحاضر؟! المجازر نفسها والإبادات نفسها.. ومازال هناك من ينكر ويبرر..
الشهادات الحيّة التي سمعناها من أجدادنا عن تلك المجازر وعن تهجيرهم لهي أقوى دليل على تلك المجازر.. وهانحن اليوم شهود المجازر الجديدة بحق الشعب السوري..
يجب أن تأخذ القضية الأرمنية والقضية السورية والقضية الفلسطينية مساراً جديداً وتحويلها إلى قضايا قانونية على مستوى المحافل الدولية لرسم مسار عالمي جديد تجاه قضايا المجازر، وأهمها اليوم المجازر التي تمت بحقنا نحن السوريين في حربنا الحالية ضد القوى الصهيوأمريكية العالمية، والتي لم يعرف فيها بعد العدد الحقيقي لشهداء تلك المجازر حتى انتهاء الحرب على سورية..