وداعُ رمضان

بقلم الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة

على البعدِ تهمي بالدموعِ عيونُ
وفي القُربِ كلُّ الـمُتعباتِ تهونُ

أيا شهرنا يا خير ضيفٍ أتيتنا
تمهّل لعلَّ البعدَ ليس يؤونُ

ترفّق أيا شهر السرور بحالنا
فمالك كالبرق السريعِ تكونُ

أمن بعد هذا الحب تمضي وقد سما
من القلبِ همسٌ للعلا وشجونُ

ها هو شهر رمضان يودّعنا بنفحاته الربانية وفيوضاته الرحمانية يودعنا هذا الضيفُ الكريم شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار قد مضى سريعاً وترك في القلوب أثراً طيباً وارتقى بالنفوس المؤمنة لفضاءات القرب من الله تبارك وتعالى.
وهذه بساتين الجنان قد تزينت، ونفحات الرحمن قد تنزّلت، فحري بالغافل أن يعاجل، وجديرٌ بالـمُقَصِّر أن يشمر عن ساعد الجد؛ إذ أن الخيل الأصيلة إذا قاربت الوصول لغايتها جَدَّت السير .
ونحن نودع هذا الشهر الكريم لا بدَّ أن نُذكّر بسُنن خواتيمه التي تجعلنا مُحسنين في وداعه مُستحقين لثواب الله تعالى ونعمائه،
أولاً: الإكثار من الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله) رواه ابن حبان في صحيحه. فإن لم يستغفر ويتوب المرء في رمضان فمتى؟
ثانياً: إخراج صدقة الفطر وهي تجب على كلِّ مسلمٍ فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ) رواه البخاري.
ثالثاً: ترك الجدل والمنازعات: ففي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت قال: ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى ” أي تخاصم وتنازع ” رجلان من المسلمين، فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرُفِعَتْ).
التضرع إلى الله تعالى بأن يتقبّل الصيام والقيام في هذا الشهر المبارك، إذ أنه تعالى كما قال عن نفسه سبحانه: {إنما يتقبل الله من المتقين} [المائدة: 37].
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتقين الذين يتقبل منهم وأن يُعيد على أوطاننا عوائد فضله ورحمته وأن يكرمنا بنعمة الأمن والأمان والسلامة والاطمئنان إنه خير مسؤول.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار