بقلم الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة
من بعد جودكَ بالأنفاسِ والمُهَجِ
لا يرتقي لعلاك السيرُ في النُّهُجِ
شهداءُ أمّتِنا يا رَمزَ عِزّتِنا
يا أصلَ رِفٔعَتنا في نصرنا البَلِجِ
الشهداء أناسٌ ارتقوا من مصاف الإنسان ليلتقوا بملائكة الرحمن، أحياء رغم مغادرتهم للدنيا، أنقياء مُكرَمون.
لولا الشهداء المُضحين لما سار الناس في دروب هذا الكون آمنين.
الشهداء لا يحتاجون ليوم واحدٍ لنتذكرهم فهم في إنسان الوطن، مُزِجت دماءهم بترابه، وعطّرت أرواحهم رحابه.
وكيف لا تكون للشهداء تلك القيمة العظيمة وقد أثنى عليهم الله تعالى في القرآن الكريم حيث قال: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * }.
ولقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيع درجات الشهداء وعمّق مفهومها في النفوس من خلال مسلكين اثنين:
الأول: الإيضاح الجلي لما يعتملُ في نفسه الشريفة من حب عميق للشهادة حيث حمله على التمني أن يرزق بها مراتٍ متعددة, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: (والذي نفسي بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل, ثم أغزو فأقتل, ثم أغزو فأقتل) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
والثاني: ترسيخ مفهوم الشهادة وإحيائه في القلوب من خلال ما ثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه في صحيح السنة الشريفة من بيان لفضل الشهادة ومنازل الشهداء في دار الكرامة عند الله سبحانه من ذلك ما ورد عن أم حارثة بن سراقة رضي الله عنها لما استشهد ابنها في معركة بدر ، أتت تبكي، فقالت: (يا رسول الله! ابني في الجنة فأصبر أو أحتسب؟ أم هو في غير ذلك فسوف ترى ماذا أصنع؟ قال: أجننت! والذي نفسي بيده إنها لجنان كثيرة، وإن ابنك في الفردوس الأعلى )،
وقال عليه الصلاة والسلام: (إن أرواح الشهداء في جوف طيور خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع عليهـم ربهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئاً؟ فقالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث نشاء؟! ففعل بهم ذلك ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا، قالوا: يا رب! نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرةً أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا ) رواه مسلم.
فيا ربنا هب للشهداء الرحمة والكرامة، ولأهلهم الصبر والسلوان، وللوطن العزة والمجد يا أكرم مسؤول.