تكريم على قيد الحياة! ملكة الصالونات الأدبية في حلب، وأيقونة الحب والشعر، وشاعرة التجليات الصوفية الأديبة #ليلى_مقدسي تستحق أن تكرّم من غير جهة ثقافية وأدبية!
الجماهير || بيانكا ماضيّة
لطالما يتنادى الكثيرون لتكريم الشعراء والأدباء والكتّاب والفنانين في أثناء حياتهم، عوضاً عن أن يتم تكريمهم بعد وفاتهم، فلم يتم تناسي ممن قدم لمدينة حلب شعراً وأدباً وكان بيته بحق صالوناً أدبياً جمع الكثيرين من شعراء وأدباء مدينة حلب؟!
إن كنا نبحث عن الأسماء التي يجب أن تكرّم على قيد حياتها، وأن تحظى بالحفاوة وبالثناء وبالتكريم، فالأحق بنا أن نكرّم الشاعرة والأديبة ليلى مقدسي التي لها أكثر من عشرين ديواناً وكتاباً ورواية، ومازالت حتى يومنا هذا تكتب وتكتب، وكتاباتها موقع تقدير واحترام.
ليلى مقدسي الأديبة الرائعة أخلاقاً وأدباً ورقياً، الإنسانة العطوفة المعطاءة الكريمة، كان بيتها موئل العديد من الكتّاب والمثقفين والفنانين، أكانوا من حلب أم من غيرها من المدن السورية، ولطالما كانت الجلسات الأدبية في منزلها تناقش فيها غير قضية من قضايا الأدب والفن، ويحكى فيه غير حكاية من حكايات حلب وقصصها وتاريخها وحضارتها.
أذكر أن أول كتاب طبعته الشاعرة ليلى، وكان بعنوان (رسائل لم تصل) وهي رسائل أدبية تمت بينها وبين الأديب طلعت سقيرق، رحمه الله، كان يحتفي باللغة الأدبية الراقية، لغة ليلى مقدسي الشعرية التي كانت بصمة لا تمحى، فما إن تقرأ جملة كتبتها ليلى دون أن تعرف من كاتبها، حتى تشير إلى ليلى مقدسي، فلها مفرداتها الخاصة التي اشتغلت فيها على النحت والاشتقاق، لغة أدبية ترقى إلى لغة الأدباء الكبار.
مايسجّل لليلى مقدسي في عشرية الحرب على سورية، أنها كانت من ضمن ثلة الأدباء الذين تكلموا بالحق، وكانوا مع وطنهم قلباً وقالباً .
ومما كتبته ليلى في أثناء الحرب: كانت مدينة حلب رعباً وقصفاً وخراباً مروعاً، ولكن هذه الحرب السوداء دفقت مشاعري عبر الحروف؛ لأن الأديب مرآة للواقع، والقلم أقوى من السيف، به ينشر نور المعرفة في الظلام، بالوعي والفكر والتعبير عن معاناة شعب وبعض مما كتبت:” يا وطنا جريحا عطرت خبز الحروف باسمك يا شام وسطر ياسمينك أبجدية اللغات”.. كان القلم بيد، ودمع الحبر يروي ما أعانيه من خوف وقلق وحزن، ولم أتوقف طيلة الحرب عن الكتابة للوطن، للشهيد، للطفل، ومنها: “مذرور براية وطن حنون هذا الجندي حبق البراري رحيقه عنفوان وطن مسلوب، كيف أفسر حرقة دمعي وأغصان الطفولة تبكي ضنى الأمهات؟! عليل وجع الشهيد ينقط جرحه نورا وناراً، أيغتم ليل سورية؟! ما أشقى السؤال وبحة ناي حماة الديار يرجفها دمع طفل ورغيف مشرد، سورية يا فينيق الشرف، علمك يبقى حراً على أكف جيش وشعب ملتف بوطن الانتماء، المعرفة مناهل الفكر، والوعي لحمة جيش وشعب يضيء جحافل الظلام، والأرض أم شهيد مزهر بشقائق النعمان.
يذكر أن ليلى مقدسي من مواليد 1946، ترعرعت في صافيتا، ومن ثم سكنت حلب، وسكنتها حلب.
عملت في التدريس 25 عاماً ثم استقالت. قد صدر لها العديد من المجموعات الشعرية، ومنها ثالوث الحب، غمامة ورد، عرس قانا، وردة أخيرة للعشق، لغة الجمر، نص القلب.
وكذلك روايتا: لأننا لم نفترق، وذاكرة البحر تقرأ.
ولها في القصّ: قطوف وأوراق، عنود، ورسائل وصلت، وغيرها.
فإن كنا نبحث عمن يستحقون التكريم، ونبحث عن أديبات لهنّ باع طويل في الأدب والشعر والكتابة في حلب، فإن الأديبة الشاعرة ليلى مقدسي تستحق أن تكون من المكرمين على قيد الحياة، لأنها شاعرة أعطت الحرف والكلمة جلّ مالديها.