يمان ياسرجي
يمحاضُ .. تمتشق الزمانَ
وتعتلي عرش الممالك والمدائنِ
قد روتْ أسرارَها .. رُقُمٌ
تنضدّ هاجس التاريخ فوق سطورها
فتوهّجت أنــباؤها
راحت تقصّ حكاية أبديةً
عن غادةٍ عملاقةٍ .. صحَبَتْ دهور العيشِ
من بدء الحياةِ .. وما خبا لألاؤها
حلبٌ .. ويخلد اسمُها .. مزدانةً بعراقةٍ وحضارةٍ
تزهو على أقرانها بملوكها .. برجالها .. بنسائها
بخلاصةِ للفضلِ يكتبها لها علماؤها
حلب التي ترتاح في كنف الزمانِ
رفيقةً للناسِ .. يعذُبُ ماؤها وهواؤها
يتقاسمون مساحة للأمنِ والرغَدِ البهيجِ
فتنطوي حِقَبٌ ليأتيَ بعدها خُلفاؤها
صفحاتُ عسرٍ بعد يسرٍ … دأبها
وهي الحياةُ .. نعيمها .. وبلاؤها
والطاعنون تنال من دنياهمو أهواؤها
حلب العريقةُ ..قد تجرّع ثغرها
من كل أصناف الحظوظِ .. تقادمًا
شربت ْ على طول البقاءِ .. مضاضة الأحداثِ
في كأس العنا…
عانت كوارث .. لم تزل بصماتُها .. تحت الثرى
شتى …
ويُخبرك الحديثَ .. صباحها ومساؤها
مغدورةً .. غارت نصال الغادرين بقلبها
فتمزّقت أحشاؤها
وتكالب الأشرار نهشًا … وافتراسًا ضاريًا
حتى ارتمت شطرينِ
ينزف بعضُها في بعضِها
وتقاطرت فوق الدروب دماؤها
وتكأكأت أحجارها الصماء تهذي
بانتهاكات الذئاب حياضَها
تسّاقطتْ منهوكةً .. منثورةً .. كحروف قافية تعذّرَ أن يبين خفاؤها
راحت تصارع ……جهدَها
والهادرون صلابةً .. أبناؤها
تلك المدينة لا يُطال فَناؤها
صمدت صمود مرابطين على المدى
كالقلعة الشماء .. يزأر في الوجود .. بقاؤها
غسلت جراح الأبرياء .. بصبرها
وتطهّرت بمدامع الثكلى .. فصحَّ وضوؤها
ومضت تصلي نصرها..
رغم ازدحام الكرب في آفاقها…
وسمتْ بنيلِ جنودها فضل الشهادةِ دونها
طابت … وطاب فداؤها
وتظلّ تشمخ .. فوق كل صروفها
فتقومَ من تحت الركام عروسةً ولّادةً….
وتصوغَ من همم الرجال .. بداية أخرى… ويصدحَ في المكان غناؤها..
يهفو إلى ساحاتها ..الطامحون إلى العلا ..
الباحثون لعلمهم… والقاصدون ثقافةً
والمبدعون فنونهم .. يحدو بهم .. ويسرّهم إغناؤها
حلب المدى… أختُ البطولة .. والجمالِ
وصنوُ إبداع النهى .. ونظير كل فرادةٍ
ألفُ الحياةِ .. وياؤها.