العدالة الضريبية

• أنس مدراتي

في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة لا بد من الإشارة الى الدور الرئيسي المناط بالحكومة ممثلةً بوزارات المالية والاقتصاد والتجارة الداخلية وحماية المستهلك بشكل خاص فضلاً عن باقي الوزارات، إذ لوحظ عدم تعديل قانون ضريبة الدخل رقم 24 لعام 2003 بالرغم من حالة الحرب التي عصفت بالبلاد وأدت الى ارتفاع معدل التضخم، الأمر الذي يدعو إلى إعادة النظر لرسم سياسة ضريبية تتلاءم مع تلك المتغيرات لتحقيق العدالة الضريبية وتوزيع الأعباء بين شرائح المجتمع بشكل عادل ومنطقي، كأن يتم تعديل الحد الأدنى المعفى وتعديل نسب وحدود الشرائح الضريبية، وقد عكفت الدوائر المالية عند قياس الأرباح على تقدير رقم الأعمال ونسبة هامش الربح للوصول إلى الربح الافتراضي الذي يفضي إلى الوعاء الضريبي المعتمد في تحديد الضريبة المتوجبة على المكلف، بالمقابل تجاهلت التكاليف والمصاريف الفعلية لتلك الأنشطة معتمدةً على التقديرات الشخصية المناطة لمراقبي الدخل، وبالرغم من وجود عدة مآخذ على تلك الطريقة إلا أن الوزارة قامت بأتمتة وتكريس هذه الطريقة في قياس الربح، من خلال إلزام المكلفين باستخدام برامج خاصة للتأكد من التحقق الالكتروني للفواتير المصدرة لتحديد رقم العمل وربطها مع قاعدة البيانات المركزية للإدارة الضريبية في تقييم أرباح المكلف.

إن الوصول الى رقم عمل فعلي مع عدم تعديل في فقرات القانون المذكور سيزيد من تكلفة الأنشطة، وهو ما يقود المكلف إلى استعاضتها من خلال زيادة أسعار بيع السلعة أو الخدمة المقدمة للمستهلك، وبالتالي انخفاض الإنتاج الذي يفضي لاضطراب في النظام الضريبي ناتج عن خلل في توزيع الأعباء على المكلفين، ونظراً لكون المستهلك قد اعتاد على زيادة أسعار المنتجات والخدمات في ظل غياب حماية المستهلك من شبح التضخم وارتفاع تكاليف الطاقة والإنتاج بشكل عام، وكذلك وجود فروقات كبيرة بين الأسعار المخفضة للخدمات والسلع المعتمدة من الوزارات وبين الأسعار الفعلية التي تتقاضاها المنشآت الخدمية والتجارية، فعلى سبيل المثال فإن الفرق الواضح بين تسعيرة الخدمات الطبية المعتمدة من وزارة الصحة وتسعيرة الخدمات الفعلية في المنشآت الطبية سيخلق حالة من الارتباك في حال عدم تحديث ورفع لأسعار الخدمات والسلع من قبل الوزارات المعنية في كثير من المجالات الفعالة والمؤثرة في المجتمع، وإلا سيتعذر الحصول على فائدة من تحديد رقم العمل بدون التوصل إلى أرباح قريبة من الواقع لاحتساب الوعاء الضريبي.

ونظراً لحاجة المنشآت إلى التخفيف من الأعباء الضريبية ولتحقيق زيادة في الإنتاج، فلا بد من تبني نظريات قريبة من نظرية “دعه يعمل، دعه يمر” التي تسمح لاقتصاد السوق بتنظيم نفسه من خلال ضبط الأسعار والأجور، ومن الأجدر في هذه الظروف إعفاء الرواتب والأجور من الضرائب كون الطبقة العاملة هي الحلقة الأضعف في هذه المنظومة، وفرض ضريبة القيمة المضافة التي تضمن بها الحكومة الحد من مشكلة التهرّب الضريبي والحصول على ايراداتها المطلوبة بشكل عادل يشمل جميع شرائح المجتمع دون تمييز، كونها تُفرض على المراحل المختلفة للإنتاج، أي على كلّ من المُصنّع والمشتري، بحيث يتم ضمان تحصيل إيرادات الخزينة أثناء عمليات الإنتاج جميعها، وتشجع على الاستثمار وعودة رؤوس الأموال الوطنية المهاجرة كونها تعتبر من الضرائب الرائجة عالمياً.

 

⤵️⤵️⤵️⤵️⤵️

بإمكانكم متابعة آخر الاخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام ⯑⯑

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار