الروائية الشابة دحدوح ورصد أدبي بسرد واقعي وتحليل بسيط للحياة .. 

الجماهير || أسماء خيرو ..
السرد الواقعي عن المجتمع والتحليل البسيط للحياة هما سبيلها لرصد مشاهداتها الأدبية ولرسم مرئياتها ولتوضيح تجارب أبطال رواياتها وتجاربها الشخصية ، برعت في كتابة الرواية والقصة القصيرة والخاطرة والشعر بالرغم من اختصاصها العلمي ، تسعى دائما لتحويل الأفكار إلى قصص ومشاعر، فتارة تجد رواياتها تتساوى وتتشابك مع الواقع وتارة أخرى تلجأ إلى الخيال لتختبئ في عوالمه متجاوزة الوجود الحقيقي إلى ماوراء الأفق، هي من مواليد حلب عام /1999/ ، تلقت تعليمها الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدينة حلب وحاليا لايفصلها عن التخرج في كلية الطب البشري إلا الامتحان الوطني ، صدر لها ثلاث روايات وهي ( لنعش عمرين ، على محمل الاستثناء ، وماذا لو ) وقصة قصيرة بعنوان” وقعت في حبرك” ولديها رواية رابعة أنهت كتابتها ولكنها لم تنشر بعد. إنها الشابة جود دحدوح الفائزة بالمرتبة الأولى في مسابقة القصة القصيرة وكان « للجماهير » معها هذا الحوار:
* حدثيني بداية عن الأيام الأولى لرحلتك الأدبية وما الذي دفعك للسير في هذا الطريق ؟
لقد كنت أعشق القراءة منذ طفولتي، حينها كان لدي شعور بأن الكتب أشبه ببساط سحري بإمكانه أن يأخذني إلى أي مكان ، كان أكثر ما يشغفني قراءة الروايات وكتب التنمية وتطوير النفس، ظللت أقرأ إلى أن شعرت بالكلمات قد اختمرت داخلي ثم بدأت الكتابة، ولا أظن بأن القراءة وحدها كانت دافعي للكتابة، لكنها كانت ذخيرتي، أما دافعي الحقيقي فقد كان رغبتي في إيصال شيء مختلف للآخرين، كرسم ابتسامة على وجوههم ، وزرع الأمل في قلوبهم، لذا قررت أن أجمع بين متعة الرواية وحكمة الكتب، وفي عامي الجامعي الثاني في كلية الطب كانت ولادة أول رواية لي فضلا عن أني حاولت كتابة الشعر ، وكانت أيامي الأولى مع الشعر حين كنت في الثالث الثانوي وكتبت لأمي قصيدة في عيد الأم أسميتها: “أمي امرأة لا تكبر ” فلطالما أحببت قراءة الشعر وبالأخص كلمات الشاعر” محمود درويش “وتأثرت بأعماله الأدبية وبمدى عمقها ووقعها على القلب…
* الموهبة وإن كنا نملكها لن ترى النور إلا إذا كان هناك اهتمام ودعم من أحد ما أخبريني من قدم لك هذا الدعم؟
-نعم كلامك صحيح مئة بالمئة، إنها أمي رفيقة دربي ، وأنا حتى يومنا هذا أدين لها بالفضل على ما أنا فيه لأنها أكثر من شجعني، وأخذ بيدي، هي حاليا دكتورة في الأدب العربي في جامعة حلب ، كانت جداً سعيدة لمجرد أني اكتشفت ما يُسعدني، هي قارئتي الأولى، هي أول من قالت لي إن كلماتي تستحق النشر، وحين نشرت كتاباتي ، انهالت علي كلمات الدعم والتشجيع من الأصدقاء في الجامعة والدفعة والأقارب والجميع.
* أعمالنا سواء كانت جيدة أو غير ذلك هي نتيجة لتجارب عشناها بحلوها ومرها، كتاباتك نتيجة ماذا ؟
– في الحقيقة كتاباتي نتيجة تجارب واقعية بعضها شخصي وبعضها الآخر حوادث حدثت أمام عيني، ودائما لدي شعور بأن الواقع يظل واقعا نعيشه جميعاً ونتشارك في أحداثه وليس هناك متعة في قراءته إن لم يكن ممزوجاً بنكهة خيالية مع القليل من الحكم المستخلصة والأفكار المفيدة ، لذلك حين قيل عن كتابتي إنها مزيج من الواقع والخيال ، اعتبرتها العبارة الأجمل ،لقد أحببت تلك العبارة لأنها وصفتني بطريقة لا أستطيع أنا أن أصف نفسي بها ..
* الكاتب من أشد الناس مزاجية ، ككاتبة شابة ما الذي يؤثر على مزاجيتك ؟ وماهي طقوس الكتابة لديك ؟
– بالنسبة لي من أهم العوامل التي تؤثر على مزاجي وكتاباتي هو فقدان السلام الداخلي فبعد الحرب التي عاشتها سورية ، أيقنت أن السلام هو التربة الخصبة لنمو أية موهبة ، لذا أعشق قراءة كتب الوعي والتنمية لأنها علمتني كيف أعثر على سلامي الداخلي وكيف أحافظ على هدوئي وأرى الجمال في كل شيء، ومن طقوسي الخاصة أني أحب الكتابة في الصباح، قبل كل شيء، أفتح الحاسوب وأنسى الوقت وأنا منسكبة على لوحة المفاتيح، وليس لدي مشروب مفضل ،أو طقس آخر معين.
* في كتاباتك عم تبحثين؟ ومم تهربين ؟
– لا أخفيك قولا: أنا دائمة البحث في كتاباتي عن “الحب ” كيف تحب نفسك أولاً ثم تجده عند الآخرين، كما أبحث عن السعادة ، والرضا والتصالح مع الذات. وأركز كثيراً على تلك القيم لدرجة أنها أصبحت هويتي الكتابية ، كنت أُحيي هذه القيم في نفسي حين أكتبها وأنوي أن تصل لكل من يقرأ، والحمد لله أن جميع من قرأ لي أخبرني أنه شعر بنفس الشعور وغمرته الراحة..
و حول مم أهرب ؟ في الحقيقة أنا لا أحب النظر إلى الكتابة على أنها هرب من، بل هي رغبة في شيء ما ، رغبة في واقع أفضل ومجتمع صحي متصالح مع نفسه لا ينتقص الآخر فقط لكي يثبت أنه ناجح… رغبة في زرع ثقافة الحب والدعم والشجاعة والتطوير.. رغبة في رؤية الأحلام على أنها ممكنة والتخلي عن طريقة التفكير السوداوية ، رغبة في إحياء الشغف في قلوب الآخرين.
*قبل الختام لكل إنسان فلسفته الخاصة في الحياة لخصي لي فلسفتك بقصيدة من نتاجك أو بمقطع أدبي ؟
باختصار فلسفتي في الحياة هي في هذا المقطع من روايتي” على محمل الاستثناء ” قد لا أعرف أبداً ما هي أولى خطوات الحياة حتى لو بلغت من الحكمة أقصاها.. لكني أعرف تماماً أن أولى خطوات الموت البطيء هي أن نفقد اللهفة.. أن ننسى طعم دهشة المرة الأولى من كل شيء ، أن يموت ذاك الطفل بداخلنا الذي كان يقفز عالياً حين يلمح عربة المثلجات من بعيد.. أن نشعر بإرهاق وضجر كأننا عشنا هذه الحياة ألف مرة من قبل.. تلك هي الطريقة المثلى لانتحار الأرواح! قد تحمل كلماتي مفاتيح إجابة عن أسئلة اعتادت أن تؤرقك كثيراً كما كانت تفعل معي.. أو قد تجد القليل من قصصي المبعثرة هنا وهناك.. أو قد تتحول في النهاية إلى رحلة على محمل الاستثناء!
* وختاما حدثيني ماهي طموحاتك ؟ وماهو شعورك عندما فزت بجائزة مسابقة القصة القصيرة ؟
طموحي وحلمي أن تصل رواياتي إلى كل بلدان الوطن العربي وأن تستطيع لمس قلوب عدد أكبر من الناس وأن أستطيع طبع روايتي الرابعة وأقوم برحلة حول العالم لتوقيعها ذات يوم .
والفوز بالمرتبة الأولى كان شعوراً رائعاً، شعرت بأنه قد آن الأوان لنيل حصاد تعبي، لأني طبعت رواياتي الثلاث على حسابي وصرفت الكثير من المال مع غلاء تكاليف الطباعة، لذا فقدت الأمل وقررت ألا أطبع روايتي الرابعة في بلدي إن استمر الحال هكذا ، ثم أتت الجائزة لتكون أول دعم مادي وأجمل دعم معنوي، شعرت بفرحة عظيمة وكأنها إشارة لي بأن أستمر في الكتابة وألا أفقد الأمل في نفسي وفي بلدي ، لذا شكراً جزيلا لكل القائمين بها، وشكراً لكادر صحيفة الجماهير على تغطيتهم للحفل ولأنهم حققوا أحد أحلامي بأن يقوم أحدهم بتسليط الضوء على موهبتي الأدبية وإجراء لقاء صحفي معي.
وأدعو الله أن تعود سورية أقوى وأن تستطيع رعاية أحلام أبنائها وتنمية مواهبهم ودعمهم بكل حب.
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام
قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار