بقلم الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة
مع اقتراب انتخابات مجالس الإدارة المحلية لا بدَّ لنا أن نُبيّن أن من أهم الأسس التي يدرسها الباحثون في علوم الشريعة الإسلامية هو صلاحيّة هذه الشريعة لكلّ زمانٍ ومكان، ذلك أن لها في كل واقعةٍ حكماً، وفي قواعدها وأصولها بيانٌ لكل المشكلات، وحلٌّ لكل المعضلات. ولا زال الناس عبر الزمان بحاجةٍ لبيان الحكم الشرعي لكل الوقائع والمستجدات.
ومن ضمن القضايا الفقهية التي كَثُرَ التساؤل عنها في العصر الحاضر قضية الانتخابات فهي طريقةٌ معاصرة توصل السالك فيها إلى مراكز القرار.
وقد رأينا انتشار هذه الطريقة في عصرنا في جنبات العالم وعُمِلَ بها في كثيرٍ من أقطار بلادنا العربية والإسلامية.
وفي عُجالةٍ تليق بهذا المقال نقول: أن هناك تخريجاتٍ شرعية عديدة وحججاً قويّة لقضية الانتخابات وهي من عدّة اعتبارات أذكرها على النحو التالي:
- أن الانتخابات شهادة من الناخب، وهذا ما ذهب إليه كثير من الفقهاء المعاصرين.
- أن الانتخابات وكالة، فالانتخابات توكيل من الناخب للمرشح لينوب عنه في ممارسة حقه، وإليه ذهب بعض الفقهاء المعاصرين أيضاً.
- أن الانتخابات تعبير عن إرادة الناخبين في أن يتولى شؤونهم أشخاص معينون
- أن الانتخابات من قبيل الشورى قال تعالى: {وشاورهم في الأمر} [ آل عمران: 159] حيث تتولى الانتخابات الرجوع إلى قاعدة واسعة من الشعب لمعرفة اختياراتهم وهذا يجعل فيها شبهاً من الشورى.
هذا وقد اتفق العلماء على جواز الانتخابات والمشاركة فيها، بل وأزيد أن انتخابات من يقوم بتنظيم شؤون المجتمع وخدمته من أهم الواجبات لذا تجب المشاركة في الانتخابات لكي لا تُترك البلاد هملاً لا يقوم على خدمتها أحد، وهناك أدلة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم تؤيد ذلك ففي بيعة النقباء حينما بايع الأنصارُ النبيَ صلى الله عليه وسلم على أن يمنعوه مما يمنعون به نساءهم وأبناءهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم بما فيهم) رواه ابن حبان ووجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من الصحابة أن ينتخبوا اثني عشر رجلاً، ولم يحدد لهم طريقة الاختيار، أو يمنعهم من مشاركة عامة الناس، فدّل على صحة الانتخاب بالرجوع إلى عامة الناس. وهناك وقائع أُخرى كواقعة العرفاء في وفد هوازن وهي معروفة لدى من يقرأ السيرة النبوية الشريفة.
أدعو جميع أبناء وطني سورية إلى المشاركة بفاعلية في المجالس المحلية والسعي الحثيث لإنجاحها لأنها تشكّلُ المعيار الأساسي للانتماء للوطن فهو واجبٌ دينيٌ وواجبٌ وطنيٌ.
واجب ديني: لما أسلفتُ من أدلة شرعية، وواجب وطني: لما سيقدمه ذلك المجلس من سعيٍ حثيثٍ في خدمة الوطن.
اللهم وفق كل من أراد الخير لوطننا إلى ما فيه خير البلاد والعباد وأعد علينا عوائد الفضل والطمأنينة والرخاء.
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام