- أنس مدراتي
عندما يتحول صندوق الشكاوى والمقترحات الى مجرد قطعة لاستكمال الديكور الغرض منها الإيحاء للمتعامل بأن هدف المنشأة تقديم الخدمة على أكمل وجه، وتصبح تلك الأداة الرقابية عبارة عن سلة لتفريغ الشحنات السالبة لأولئك المتعاملين، تتعاظم البيروقراطية وتنعدم ثقافة قبول الرأي الآخر، عندها لا بد من إعادة بناء أفكار جديدة تلامس الواقع الجديد.
فما الفائدة مثلاً من الاعتراض على أحكام جائرة إذا كانت نتيجة هذا الاعتراض محسومة مسبقاً وضد مصلحة الشخص المعترض، فالطعون واعتراضات إعادة النظر التي لا يرد منها أي فحوى، ما هي إلا إجراءات شكلية غير مجدية تعكس العقلية الإدارية القائمة على نظرية اجتماع النقيضين، فالمتعامل بإمكانه الاعتراض أو تقديم الشكوى إلا أن المرجو عكس ما هو متوقع بل سيعود عليه الاعتراض بضرر أكبر من عدم الاعتراض نظراً للقرارات الناتجة عنه.
وينطبق الأمر على المصارف وسياسة رفع سقف القروض ومضاعفتها في ظل التضخم الذي تعيشه المنطقة والعالم وهو ما يؤثر سلبا ويؤدي إلى تدني قيمة العملة المحلية بالمقابل نجد قيام مصرف سورية المركزي بإجراءات علاجية من خلال إصدار سندات الخزينة وطرحها بهدف تمويل الإنفاق الاستثماري وتأمين فرص استثمارية للقطاع المصرفي الخاص والعام.
بالمقابل فإن إصدار قوانين تمنع التعامل بغير الليرة السورية للمدفوعات أو أي نوع من أنواع التداول التجاري أو التسديدات النقدية سواءً كان ذلك بالقطع الأجنبي أم المعادن الثمينة منعاً للتضخم وحفاظا على القوة الشرائية للعملة المحلية يحتاج إجراءات تيسير لتسليم الحوالات الواردة بالعملة الأجنبية بدون قيد أو شرط للمبلغ المحوّل وبسعر السوق الموازي لمنع مكاتب الحوالات المخالفة من القيام بهذا الدور وتحويل الأموال للمستفيدين بعيداً عن أعين الرقابة الحكومية.
وكذلك الأمر عند تطبيق سياسة حماية الإنتاج الوطني التي تساهم في زيادة أسعار المادة المحمية إلى مستويات تفوق تكلفة نظيرتها المستوردة، نتيجة منح المنتجين المحليين إجازات استيراد حصرية للمواد الأولية وبكميات كبيرة تمنع دخول أي مستثمر صغير إلى ساحة الإنتاج المحلي فيزداد تحكم المستثمر الكبير في السوق مما يؤدي إلى زيادة المستوى العام للأسعار وتركيز الثروة في أيدي القلة وهو ما يوصف بالاحتكار الذي يؤثر سلبا على الاقتصاد ، عندها فلا بد من وضع قوانين صارمة لمواجهة هذا الاحتكار وإعادة التوازن للسوق وإبعاد فكرة السيطرة عليها ومنع تضخم الثروات الفردية على حساب الطبقة الكادحة.
وأخيراً فإن ما نمتلكه من رأسمال فكري وقيم معرفية يجب تطويعها في خدمة أهداف واضحة المعالم وأي تغيير نصبو إليه إنما يجب أن يتم من خلال تطوير عمل حزمة متكاملة من العناصر بدون اجتزاء بالإضافة إلى ضرورة تضافر جهود جميع الأطراف المعنية والعمل بروح الفريق الواحد لمواكبة المتغيرات.
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام