الجماهير || عتاب الضويحي
وسط الفوضى المحببة التي تعم محل” ماما نور” الذي يعود لصاحبته السيدة السبعينية جورجيت شهوان في منطقة العزيزية تختبئ حكايات قطع فنية ومشغولات يدوية يقدر عمر بعضها بمئة عام وأكثر، مطرزات من فنون مختلفة مشغولة بحب وشغف لمهنة تتطلب الكثير من الصبر والوقت والجهد، يقصده عشاق الفن من كل مكان.
تقول شهوان للـ”الجماهير” تفتحت عيناي على الأشغال اليدوية منذ طفولتي عندما كنت أرى والدتي تعمل بهذا الفن الجميل، تعلمتها وفهمت كل تفاصيلها الدقيقة، إلى جانب دراستي في كلية الاقتصاد ووظيفتي كمدّرسة في كلية الزراعة، وتدريس مادة المحاسبة والرياضيات في المدراس الثانوية لمدة 17 عاماً، أيضاً أمضيت 5 سنوات في رئاسة الجامعة وأسست قسم الإحصاء في مشفى الجامعة، بعد تقاعدي التفت لهوايتي المفضلة وبدأت العمل في متجري الخاص منذ 33 عاماً، أعلّم بناتي و الراغبات من الفتيات وربات البيوت حرفة التطريز، المخرز،الإبرة، ميلان، أيتامين رسم بانتور، كروشيه، السيخ،النبش، أوبيسون، العينتابي، والتفريغ، وغيرها،و تخرجت على يدي الكثير من الفتيات، استفدن في فتح مشاريعهن الخاصة لاسيما أيام الأزمة إذ كنت أمدهن بالمواد الأولية ، فكانت مصدر رزق لهن ولعائلاتهن، سواء داخل البلد أو خارجه.
تتنوع القطع الموجودة في محلي ولا تتشابه القطعة مع الأخرى سواء من حيث الزخرفة، الألوان، الخيط، الحجم، النعومة والخشونة، ومن يفهم بالمهنة يدرك ذلك، ولدي قطع قديمة أثرية قمت بترميمها وإصلاحها، إضافة لقطع فلكلورية أرمنية،وشغل عينتاب، وأخرى تعتبر انتيكات مثل مطرزات بفن الصرمة يعتمد على اللون الذهبي وتكون القطع نافرة بعض الشيء.
وتتطلب المهنة حسب ماذكرت السيدة جورجيت الحب فكلما أحببت مهنتك كلما أبدعت فيها، وتأسف على الجيل الحالي الذي تشغله وسائل التواصل والأجهزة الإلكترونية ويعزف عن تعلم المهن التراثية التي تمثل عراقتنا وأصالتنا.
حالياً تقوم السيدة شهوان بتصفية محلها وبيع محتوياته فلم يعد لديها الوقت لا للتعليم أو المتابعة، يغمرها حزن شديد على قطعها التي أخذت منها الكثير من الوقت، وتتمنى أن يقتنيها أشخاصاً يقدرون هذا الفن العريق ويضعونه في مكانه المناسب ويحفظونه من التخريب والنسيان.