السرور بمولد النور

بقلم الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة

ما إن أطلّ علينا شهر ربيع الأول حتى بدأت الاحتفالات هنا وهناك بمولد رسول الإنسانية ونبي الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتتكرر على الأسماع كلمات ربنا تبارك وتعالى في القرآن الكريم حيث قال: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) وقال سبحانه:(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).

والآيتان تُستخدمان كدليلٍ راسخ على مشروعية الفرح بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، على اعتبار أنه ما من رحمةٍ أعظم من رحمة مولده صلى الله عليه وسلم لنفرح بها.

غير أني أعتقد أن الفرح لا يحتاج إلى دليل ليكون مشروعاً، ولا يحتاج إلى مقدمات ونتائج ليكون منطقياً، فمتى كان الشعور الإنساني وانعكاساته من التصرفات على أرض الواقع منضبطاً بضوابط وأدلة؟

قد يفرح الإنسان بمجرد كلمة عابرة، أو بهدية بسيطة، كما يفرح بنصرٍ عظيم أو فتحٍ مبين، قد يفرح بنجاح أو بتقدم، والفرح ربما كان بشكل جماعي أو فردي، لا حرج في ذلك.

ولذلك كله كان الفرح بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشاعر الناس الفطرية التي ما من داعٍ إلى الإسهاب في سرد أدلة لجوازها.

رضي من رضي وسخط من سخط، فمن أراد أن يفرح بهذا الحدث العظيم من أبناء الأمة فله ذلك بأي طريقةٍ شرط ألا يشوبها محظور أو مخالفة شرعية، ومن لم يُرد الفرح فله ذلك شرط ألا يُنكر على الفرحين وألا يُعكّر صفوهم بجفوته المقيتة.

لقد كان شهر الربيع: للبشرية سلاماً، وللعرب وئاماً، وللخيرِ تماماً. فكيف لا نفرح به؟!

في شهر الربيع تضطرب القلوب بتجدد الأشواق لرسول الرحمة صلى الله عليه وسلم، وتتلألأ الدموع في الأحداق فرحاً بذكرى مولده، وتزهو الزينة في المساجد والأسواق، ابتهاجاً بهذا الحدث الذي غيّر وجه الزمان.

إنه زمانٌ يُعيدُ للإنسان اتزانه وانسجامه وللقلب شوقه واصطلامه، وللكون مثاليته ونظامه.

إنه عطيّةُ الباري للمخلوقات، والسرور الساري للكائنات، والخير الجاري بكلّ الكمالات.

في شهر الربيع تجلّي الخواص في الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فالزمان ربيع القوم الكرام؛ ربيع سادة العرب في المكان الذي سماه ربنا بالبلد الحرام؛ تعظيماً للبيت العتيق، والشخص المولود هو الشفيع الذي لا يُضام، والذي منح الإنسانية تعاليم السلام.

شهر الربيع شهر الخيرية الأزلية التي ذكرها ربنا في القرآن الكريم (كنتم خير أمة أُخرِجت للناس)، ولن تحافظ الأمة على هويتها الخيرية إلا باتباع سيد الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم.

فهلمّ بنا يا كلّ قلب نابض بحب الحياة لنفرح ونبتهج بهذه الذكرى العظيمة على القلوب.

 

 

بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار