من يتبنى مشروعه لتأسيس شركة تصنيع أجهزة طبية غير ربحية …؟؟؟ الشاب كابري يصمم_جهاز_غسيل_كلى لمساعدة مرضى الفشل الكلوي.
الجماهير || أسماء خيرو .
أراد أن ينهي دراسته الجامعية في قسم هندسة الالكترونيات الطبية في جامعة حلب بمشروع تخرج مميز وغير اعتيادي، لإضاءة شمعة في درب مرضى الفشل الكلوي تخفف من معاناتهم وآلامهم، علاوةً على خلق فرصة عمل جيدة له بعد التخرج.
أكثر ما يطمح إليه المهندس هادي كابري في وقتنا الحالي هو أن ننتقل من كوننا بلد مستهلك فقط للأجهزة الطبية الى أن نصبح منتجين ومصنعين لهذه الأجهزة مما يؤدي إلى خلق نوع جديد لفرص العمل في هذا المجال وذلك لنفسه و لأقرانه من خريجين الهندسة الطبية في سورية.
الجدير بالذكر أن مجال الأجهزة الطبية في سورية حالياً مجال استهلاكي فقط، حيث يتم استيراد هذه التجهيزات وبمختلف أنواعها من الخارج مما يجعل فرص العمل في هذا المجال قليلة ومتواضعة جداً في طبيعتها وأجورها على حد سواء، وفي ظل مجتمع يعاني الكثير من الصعوبات أبدى المهندس كابري رغبته بأن تتبنى مشروعه جهة تمتلك دوافع وطنية حقيقية للنهوض بالواقع الصحي في سورية وغير طامحة للربح السريع الآني.
وكان له هذا الحديث مع “الجماهير” للتعرف أكثر على مشروعه الذي نال المرتبة الأولى في معرض كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في العاصمة دمشق من بين 195 مشروعاً من مختلف الجامعات السورية العامة والخاصة، والحائز أيضاً على المركز الأول في معرض المشاريع – جامعة حلب، كما نال المهندس كابري مؤخراً درع جامعة حلب للتميز و الإبداع.
* هدف جامعي .
يقول المهندس كابري أن مشروع جهاز غسيل الكلى كان نتيجة دراستي للهندسة الإلكترونية لمدة ثلاث سنوات ومن ثم الاختصاص في مجال الإلكترونيات الطبية في السنوات الأخيرة من مرحلتي الجامعية، وخلال الدراسة أدركت شغفي وحبي لهذا المجال لذلك سعيت وراء إثبات نفسي وتحقيق هدفي ألا وهو أن أكون مهندساً طبياً ناجحاً يعمل في تصميم وتصنيع الأجهزة الطبية وخصيصاً الأجهزة الكهروميكانيكة منها وكان هذا المشروع الذي قمت بتصميمه وتنفيذه بمفردي هو البداية.
* ولادة الفكرة .
ويتابع كابري ليتحدث عن الدافع الذي جعله يصمم الجهاز فيقول: في أحد الأيام التي كنت أبحث فيها عن فكرة لمشروعي التخرج ذهبت في زيارة إلى أحد المشافي في مدينة حلب، وخلال تجولي في قسم الكلية الصناعية لاحظت أن 12 جهازاً فقط يعمل من أصل 40 جهاز في القسم، وحين استفسرت عن السبب أخبروني أن الأجهزة معطلة ولايمكن إصلاحها وتأمين قطع الغيار الخاصة بها حالياً في ظل الحصار الجائر المطبق على سورية كون هذه الأجهزة صناعة ألمانية وأمريكية، مشهد انتظار المرضى ومعاناتهم ترك أثراً مؤلماً في داخلي وفي الوقت ذاته دفعني إلى البحث والعمل لمحاولة إيجاد حل لهذه المشكلة وذلك بتصميم و تنفيذ جهاز غسيل كلى محلي الصنع يكافئ في عمله الأجهزة الأجنبية التي لطالما عرفت بارتفاع تكاليف استيرادها وصعوبة صيانتها.
* خطوات البدء .
ووفق المهندس كابري كانت خطوات البدء صعبة جداً وخاصة مرحلة البحث العلمي حيث اكتشف ندرة المراجع العلمية الخاصة بهذا المجال جنباً إلى جنب مع كون شبكة الانترنت تتضمن مختلف أنواع المعلومات والأبحاث العلمية ماعدا الأبحاث التي تتضمن معلومات وإرشادات بخصوص الأجهزة الطبية وتقنياتها حيث وجد أنها حكراً على الشركات المصنعة فقط ، تلك البداية شكلت لديه عائقاً كبيراً ولكنه لم ييأس ولم يستسلم، سأل واستقصى إلى أن وجد مرجعين للدكتور لؤي شاشاتي والدكتور ياسر استانبولي ومن المعلومات المفيدة داخل المرجعين انطلق ولم يوفر وقتاً إلا وشغله بالبحث والتقصي لتصنيع الجهاز سواء في الأبحاث العلمية الصادرة عن بعض الجامعات العالمية المرموقة أو في قواعد البيانات الخاصة بالمنظمة العالمية الملكية الفكرية بالإضافة إلى التحليل الهندسي للتقنيات المتبعة في جهاز فريزينيوس الألماني وتطبيق الهندسة العكسية على مكوناته ومراحل عمله، إلى أن فهم التقنيات المتبعة في أنظمة الغسيل الكلوي ومراحل عملها بشكل تام، وأدرك مايلزمه من قطع كهربائية وميكانيكة وتجهيزات الكترونية وبرمجية لتصنيع الجهاز.
* مرحلة التصنيع .
وعن مرحلة التصنيع يكمل المهندس كابري فيقول لقد استغرقت مايقارب السنة والنصف في البحث العلمي وعملية الدراسة والتصميم ووضع المخططات ومن ثم التصنيع والتجريب، حيث أن الخطوة الابتكارية تكمن في تنفيذ نفس التقنيات المتبعة في الجهاز الألماني والحصول على نفس الأداء والنتائج ولكن بطريقة خاصة ومبتكرة، حيث تمكنت من بناء المنظومة بما يتماشى مع القطع والتجهيزات المتوفرة في السوق المحلية بالإضافة إلى اختصار وتصميم بعض المكونات والمراحل ومن ثم تجميع التجهيزات والقطع بطريقة معينة لتخفيض تكاليف التصنيع قدر الإمكان، حيث عملت على جمع القطع اللازمة من مصادر مختلفة كما جلبت بعض القطع من عدة محافظات كدمشق واللاذقية بالإضافة إلى تصنيع بعضها في منطقة العرقوب الصناعية في حلب، وبعد تجميع الجهاز قمت بتجربته ومناقشة آلية عمله وتقييمه مع عدد من الدكاترة المشرفين في الكلية ليكون الجهاز في النهاية نموذج أولي فعّال مصمم ومصنع وفق الستاندر العالمي لأنظمة الغسيل الكلوي محققاً للشروط والمواصفات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.
* أهمية المشروع .
وتكمن أهمية الجهاز كما بين المهندس كابري بأنه يكافئ في عمله الأجهزة الأجنبية المستوردة وبالمقارنة معها ومع تكاليف استيرادها فإن تكلفة تصنيع الجهاز ستكون منخفضة جداً ،وعملية التصنيع سوف تغني عن الاستيراد بشكل تام كما أنها ستتماشى مع السياسة الحالية للدولة بإحلال بدائل المستوردات، ويتميز الجهاز أيضاً بعدم التعقيد وبسهولة عملية الصيانة كونه صناعة محلية، وأشار أيضاً إلى حقيقة أن ارتفاع أسعار الأجهزة الطبية بشكل عام لا يعود بشكل أساسي إلى ارتفاع ثمن مكوناتها أو ارتفاع تكاليف تصنيعها، إنما إلى احتكار التقنيات المطبقة ضمنها.
* طموح .
وختم المهندس كابري بتأكيده على أن المشروع الذي نفذه يعتبر نموذج أولي فعّال ونواة لجهاز غسيل كلية متكامل محلي الصنع مطابق للمواصفات والمعايير العالمية، وأن عملية نقل هذه النواة إلى مرحلة المنتج النهائي تحتاج إلى الكثير من العمل، لذلك هو يأمل بأن تتبنى مشروعه جهة غير طامحة للربح التجاري السريع لتأسيس شركة تصنيع أجهزة طبية وطنية ناشئة بنظام مؤسساتي و بفريق عمل متكامل مبيناً بأنه شاب لديه شغف كبير وطموح واستعداد تام للعمل وللقيام بكل ما يلزم لتحقيق ذلك، كما أضاف أن لديه العديد من الأفكار والمشاريع القابلة للتطبيق والصناعة المحلية في مجال صناعة المعدات الطبية الكهروميكانيكية ك أجهزة التنفس و التخدير و…إلخ ، و يبحث عن من يدعمه و يشاركه هذا الطموح ويستقطبه لخدمة وطنه سورية.