القاطنون في مراكز الإيواء .. كيف يعيشون طقوس شهر رمضان المبارك؟

الجماهير || أنطوان بصمه جي

يتميز شهر رمضان الكريم بالألفة والتضامن مع الآخرين بدلاً من الشعور بالوحدة والعزلة، لكن بعد الكارثة الأليمة لزلزال شباط التي تسببت بتضرر ونزوح عائلات كثيرة ليجدوا أنفسهم بعيدين عن بيوتهم وعائلاتهم خلال الشهر المبارك وممارسة الطقوس المرتبطة فيه، فكيف يقضي المتضررون أوقاتهم في مراكز الإيواء؟ .

تحدث بعض النازحين عن تجربتهم في مراكز الإيواء خلال شهر رمضان، داخل مدرسة الشهيد كريكور أشناقليان في حي السليمانية، اتخذ عبد الله عباس الذي يبلغ من العمر 75 عاماً غرفة من صفوف المدرسة التي تحولت إلى مركز لإيواء المتضررين من الزلزال، حيث تظهر احتياجات مضاعفة مع حلول الشهر الفضيل، “تغيرت تفاصيل الحياة كلياً لأنها باتت تتضمن في طياتها الخوف والهلع لدى الأطفال والأمهات وكبار السن وهم أكثر الفئات المجتمعية تضرراً”، كما يصفها عباس.

ويضيف الرجل المسن أنه كان يعيش حياة طبيعية مع زوجته الثانية بعد أن توفيت الأولى في حي الشيخ مقصود، إلا أن زلزال شباط أجبره على النزوح برفقة زوجته  دون أن يستطيع أخذ احتياجاته الأساسية، فلجأ إلى المدرسة بسبب تصدع منزله وظهور التشققات على جدرانه وبالتالي أصبح غير قابل للسكن، حيث يتشارك غرفة صفية برفقة عائلة متضررة أيضاً، ولحسن حظه أن شريكه في الغرفة عامر الكردي من العمر نفسه، الأمر الذي جعله يشعر بارتياح نفسي، حيث يتبادلان الحديث عن هموم الحياة وبعض الذكريات الفريدة قبل حدوث الزلزال، في حين يفضل المشي مع زوجته حول مركز الإيواء بعد وجبة الإفطار. وأكد عباس أن الأيام الأولى كانت في غاية الصعوبة لكن في الأيام التالية تمت استجابة احتياجاته من الفرشات الإسفنجية والألبسة والإعانات الغذائية.

يتوقف قليلاً وينظر إلى سقف غرفته ويستقطع الحديث ليتلو بعدها عدداً من أبيات الشعر التي مازالت عالقة في ذهنه، فالرجل السبعيني يحفظ الكثير من أبيات الشعر عن ظهر قلب، ويستخدم كل منها حسب الوضع، سواء في المديح أو البهجة أو الحزن.

وحول رمزية شهر رمضان المبارك وتقاليده السنوية، يضيف عباس أنه بالرغم من نزوحه إلى المدرسة، لكنه لم يقطع صيامه، وأن جميع الوجبات الغذائية تصل من الجمعيات والمنظمات وأصحاب الأيادي البيضاء، موضحاً أن وجبات الإفطار منذ بداية الشهر الفضيل تضمنت أنواعاً عديدة منها الأرز والبطاطا والفروج والسماقية إضافة إلى الفواكه، ويختم بقوله “يعطينا هذا الشهر الكريم قوة وإرادة لمواجهة الصعوبات”.

بشكل عام، يعتبر شهر رمضان المبارك فرصة للمتضررين والنازحين للتواصل والتلاقي وتعزيز الروابط الاجتماعية الجديدة وتحسين حالتهم في أجواء روحانية بعد زلزال شباط، مما يوفر لهم بيئة آمنة ومريحة لقضاء هذا الشهر المبارك بشكل يشابه المعتاد في السنوات الماضية.

المشهد لا يختلف كثيراً عن رواية عائشة عبود 42 عاماً والتي تعاني من مرض السرطان، إذ تؤكد أن العيش في مركز الإيواء حمّلها مسؤولية أكبر لتخفيف آثار الزلزال السلبية في نفوس بناتها و3 عائلات تتقاسم معهم المعاناة، وتضيف أن الجمعيات الأهلية تقدم الوجبات الغذائية يومياً قبل حلول موعد الإفطار، وتأمل مع أفراد أسرتها أن يحمل الشهر الفضيل ما قد يعينهم على بدء حياتهم من جديد.

فراس نعمي متطوع في خدمة المتضررين في المدرسة ذاتها، كشف عن وجود مبادرات فردية وكنسية تحمل في طياتها عادات وتقاليد رمضانية منها توزيع الحلويات التقليدية المرتبطة بشهر رمضان من المعروك ومشروب السوس والتمر هندي والفواكه، إضافة إلى توزيع الصمن المحشي لزوم وجبة السحور وتوزيع معلبات غذائية.

وأكد نعمي وجود قائمة تتضمن إحصائيات لعدد الأسر والأفراد الموجودين في مركز إيواء مدرسة كريكور أشناقليان، والتي بلغت في الفترة الأولى بعد الزلزال 129 عائلة تتضمن 630 فرداً في حين تقلص العدد الإجمالي للمتضررين حالياً إلى 100 عائلة وبلغ إجمالي عدد القاطنين في المدرسة 383 فرداً موزعين على 28 غرفة تتضمن إنارة فقط، مشيراً إلى وجود مبادرات فردية تضمنت تقديم الدعم النفسي للأطفال وذويهم أيضاً.

يذكر أن تقرير غرفة عمليات محافظة حلب الصادر عن اللجنة الفرعية للإغاثة بتاريخ 19 شباط كشف عن العدد الإجمالي لضحايا الزلزال في حلب الذين بلغوا 432 ضحية في حين وصل عدد الجرحى إلى 714 والمفقودين 6 أشخاص.

 

 

بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام

https://t.me/jamahee

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار