- سهيلة العجي*
أحدّث نفسي، لقد طال الغياب، وهل نسي بنيان ؟
أشعر بالحزن على غيابك ياملاك ..
يسمعني الملاك ، وفي عتمة الليل
أبرق إليّ بنوره الذي أضاءَ غرفةَ نومي.
عينيّ في نومٍ ثقيل، مغمضتين من عدم نومي.
كرّر محاولته وأبرق ثانيةً وثالثةً في نورٍ يبهرُ النّاظرُ من غير النّظر فيضيءُ العقل.
قلتُ اهلاً أيها الملاك، ومن غير كلام ، رأته الروح يطوفُ ويطوفُ، يضحكُ وكأنه يحاكي من في السّماء في سعادةٍ مطلقةٍ ، يدورُ حولي، أمامي، خلفي، ويميني ويساري، غربي وشرقي، ألتفت من حوله، أريد أن أضمه إلى صدري، أعانقه، أشمّ رائحةَ أنفاسه، أشتهي أن ألمسَ يديه الناعمتين، وأمسدُ شعرهُ ، لمْ أقدر، إنه نُور من نُور، عيوني تَراهُ تلاحقهُ، يضحكُ ويضحك، ولم أستطع أن ألمُسهُ، هل رأيته يطوفُ في سَمائك؟ أيها الوَطن الحبيب أنا وأنت متشابهان ..
ألا تشتاق إلى أبنائك الذين غابوا عن ناظريك؟!
أم أن ترابكَ الذي يحتضنهم في حب وحنان اكتفى؟ ماذا يحدّثكَ غيابهم؟
أما آن لجرحك أن يلتئم؟
سافر أبناؤك يبحثون عن رغيف خبزهم، تركوك مرغمين مكسوري الجناح.
الغربة عنك قاتلة، صدقني ياوطني
لم يكونوا سعداء، فالشوق إليك يذبـ.ـحهم في كل صباح ومساء. اشتاقوا إشراقةَ شمسك مع قطرات الندى، على الزهور والريحان، على طهر ماء النبع بقرب شجرة السنديان، يتذكرون رغيف خبز التنور، فطائر الزعتر والسلق مع زيت الزيتون، يتذكرون طريق الجبل وطاحونة الماء، وصوت بردى والعاصي .. وعلى البيدر لعبة الفوتبول بين سنابل القمح، مشاغباتهم والعقوبات. يتذكرون حبيبة تنتظرهم لتخيط ثوب الزفاف، وهم يتأسفون بعدهم عنك والغياب.
هيا انهض، هيا أمسك بيدي المجروحة، مد يديك ساعدني ياوطني هيا انهض . سأعيش بقرّك معك، وبجانبك، لا أستطيع العيش إلا معك.. وأنا الجزء من كلك.
سافر بنيان ورفاقه الشهداء يتلقون العلومَ من السّبع سماوات، فرحينَ بما آتاهم الّله من نعيم فاجتازوا الامتحان في أعلى الدرجات.
أنا أشتاق بنيان، وأنت هل تشتاق؟
نحن الجزء من الكل في رحلة الذات إلى الذات.
انهض انهض ياوطناً أسميتك بنيان.
-‐–‐—-
* أم الشهيد بنيان ونوس من شهداء مشفى الكندي، رحمهم الله.
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام