أفكار فريدة جديرة بالاستدامة.. إطلاق مشروع لإعادة إحياء الموشحات الأندلسية الجديدة.

الجماهير_ أنطوان بصمه جي
أطلقت جمعية بيت القصيد الثقافية ومقهى حلب الثقافي بالتعاون مع مديرية الثقافة ظهر اليوم، المرحلة الأولى من مشروع ” الموشحات رحلة لا تنتهي ” التي تضمنت في مرحلتها الأولى ندوة ثقافية فنية تتحدث عن رحلة الموشحات بين الماضي والحاضر، وذلك بحضور المهتمين بالشأن الثقافي والفني في المركز الثقافي العربي بحي العزيزية.
وكشف أمجد بري رئيس جمعية بيت القصيد الثقافية عن وجود حوالي 10 قصائد مكتوبة حديثاً، وأن فكرة المشروع جاءت من خلال حالات فردية من بعض الشعراء منذ حوالي العامين، لكنها ازدهرت وتبلورت منذ حوالي ثلاثة أشهر بهدف إعادة الحياة للموشحات وتداولها، وانطلاقاً من كونها عاشت مرحلة ازدهار تغنى بها المؤرخون والكتاب والشعراء، وفي مقدمتهم الراحل صباح فخري بمحاولاته الفردية، فاليوم يستعد أعضاء الجمعية لكتابة موشحات عربية موزونة على البحور الموزونة للحفاظ على هوية الموشح الأندلسي الأساسية القديمة بكلمات وألحان جديدة.
ونوه رئيس جمعية بيت القصيد الثقافية إلى أهمية الموشحات الأندلسية وازدهارها في مراحل تاريخية سابقة وأفول نجمها وعزوف الشعراء والفنانين عنها في الوقت الراهن، مبيناً أنها تشكل أهم عناصر التراث السوري اللامادي العريق انطلاقاً من كونها أقدم الأصناف الأدبية العربية والأنماط الغنائية الطربية، ولعدم السماح باندثارها فهي رحلة زاخرة بالإبداع وجديرة بالاستدامة.
وأكد رئيس جمعية بيت القصيد الثقافية وجود رصيد جيد من الموشحات الشعرية المعاصرة كتبها الشعراء الشباب ببراعة وحافظوا فيها على هوية الموشح القديم المعروف من حيث الشكل العام والمضمون، أما من حيث الكلمات، فعمدوا إلى استخدام الكلمات التي تبرز فيها روح الشاعر وتتناسب مع العصر الحاضر، لترتقي الفكرة وتصبح مشروعاً حضارياً من خلال تلحين الموشح الجديد بألحان تجعله جاهزاً للغناء، ولتزويد المكتبة الوطنية في سورية بألحان رائعة وأغانٍ عذبة.
وأضاف “بري” أن هذا المشروع بمثابة إنجاز فريد فناً وأدباً، صمت عنه الشعراء والملحنون والمغنون منذ عشرات السنين إلا في تجارب فردية، وهو مشروع وطني فني أدبي مؤلف من ثلاث مراحل، المرحلة الأولى تتضمن ندوة للتعريف عن الموشحات شعراً وفناً موسيقا وغناءً، في حين أن المرحلة الثانية ستتضمن أمسيات شعرية خاصة بالموشحات الحديثة التي تضعنا في أجواء حقبة تاريخية تغنى بها الشعراء، أما المرحلة الثالثة يكتمل بها المشروع  من خلال حفل فني طربي لغناء ما تم كتابته وتلحينه من موشحات جديدة بألحان تطرب لها الأذان.
وأشار الشاعر محمد بشير دحدوح عضو اتحاد الكتّاب العرب ومؤسس المقهى الثقافي الأسبوعي إلى أهمية المشروع انطلاقاً من صون التراث الأدبي والفني والذي يعتبر الموشح والموال من أهم عناصره، والذي أخذ حظه في السنوات القديمة الماضية متألقاً، ولكنه في الحقبة الأخيرة كان متهامداً من حيث فقر النصوص الشعرية والألحان الجديدة. وبالتالي أصبح الشارع الأدبي الفني يردد ما كتب ولحن سابقاً، وأن إطلاق المرحلة الأولى جاءت لإعادة إحياء المكون التراثي الأصيل، من حيث إحياء كتابات وألحان ومواويل جديدة.
وبيّن الشاعر دحدوح أن السبب الرئيس لإطلاق المشروع هو غياب كتابة الموشحات الجديدة رغم المحاولات الفردية التي تأتي ضمن وصلات غنائية، وأن اليوم تتم المناداة لإنتاج نصوص شعرية خاصة بالموشحات الجديدة من المواهب الشابة، وسيكون المشروع نقطة انعطاف مهمة للمكون التراثي الطربي الحلبي، وستندلع نيران الموشحات وبالتالي سوف يتنادى الجميع لإنتاج موشحات بألحان جديدة بعد أن يبصروا مدى جدية وفائدة ومردود هذه الموشحات الجديدة.
مدرس مادة الأدب الأندلسي في الجامعات السورية الدكتور محمد دواليبي تحدث خلال الندوة عن نشأة الموشح الأندلسي والأسباب والدوافع والحيثيات التي أدت إلى نشوئه، حيث تضافرت عوامل عدة في تطوير الموشحات الأندلسية، منها العامل الاجتماعي والحاضنة الثقافية للشاعر والطبيعة التي يعيش فيها  فيؤثر ويتأثر بها والتبادل الثقافي بين شعراء العرب والأندلس، وظهور الدواوين، إلى أن أحب الأندلسيون التفرد بخاصية الموشحات والتفنن بأنواعه وأقسامه.
الشاعرة رنا رضوان بينت التعاريف العديدة للموشح والمتعارف عليه أن الوشاح حلي للمرأة تضعه  كنوع من التزيين لها، واستخرجت كلمة الموشح لتزيين الشعر العربي الأصيل، مبينة ما قاله المؤرخون وفي مقدمتهم ابن خلدون الذي قال: “إن الموشح هو فن استحدثه المتأخرون في الشعر من أهل الأندلس”.
المهندس الموسيقي ظافر جسري أكد أهمية إقامة تجديد للموشحات من لحن وكتابة وإن أي عمل فني له إطار فني يتحول لصورة قابلة للعرض، مبيناً أن الفن يجب أن يتجدد ويتقدم ويطرح أفكار جديدة، كاشفاً أننا في الوقت الراهن نعاني من حالة تخلف مدهشة في الناحية الفنية والفكر السطحي للموسيقيين “البسطاء” الذين يبحثون عن لقمة العيش وما يتعرضون له من صعوبات يومية وأن الفن سابقاً تطور على يد هواة، وأن الحل يكمن في استقطاب وجوه شابة تحتاج للدعم والحماس للوصول إلى إنتاج الجديد من الموشحات ضمن قواعدها الأساسية.
قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار