رفقاً بأبنائنا الطلبة

   بقلم: الدكتور ربيع حسن كوكة

 

اطرح الخوفَ يا بُنيَّ بعيداً

إن في الخوف غفلةٌ وجمودُ

واجعل القلبَ في الحياة رضيّاً

يأتكَ الوقتُ بالنجاحِ يجودُ

 

في هذه الأيام الـمُباركة تنهمكُ الأسرة التعليمية وأبناؤنا الطلبة بالامتحانات النهائية ويَسود لدى معظم الناس جوٌ من القلق لا يمكن للمرء نُكرانه، إذ أن القلق الذي يكتنف قلوب الآباء قُبيل امتحانات أبنائهم لا سيما امتحانات الشهادتين “الثانوية” و”الإعدادية” أمرٌ صحي وطبيعي لما يحملُه الآباء من عاطفةٍ كبيرةٍ لأبنائهم وتمنيهم أن يتفوقوا في حياتهم.

بيد أن الضغوط التي يفرضها بعض الأهالي على أبنائهم في هذه المرحلة قد تنعكس سلباً على الطلبة؛ فتزيدُ من شعورهم بالقلق والاضطراب والتوتر والخوف، ما ينعكس سلباً على تركيزهم أثناء الدراسة، وبالتالي على أدائهم عند الإجابة على أسئلة الامتحانات.

ويُحذّر علماءُ التربية النفسية من خطورة ضغط الأسرة على أبنائها في الدراسة وتخويفهم من الامتحانات، لأن ذلك سيجعلُ النتائج سلبية، وهو من التَّرويع المنهي عنه في شرعنا القويم فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: ( لا يحل لمسلم أن يُرَوُّعَ مُسلما ) رواه أبو داوود في سُننه.

لذلك يجب على الآباء والأمهات عدم إظهار مشاعر القلق والخوف أمام أبنائهم حتى لا يتأثر أداؤهم وتركيزهم في أثناء الدراسة والتحصيل العلمي أو في أثناء أداء الامتحانات، وينبغي أن تكون الطمأنينة والمحبة والدعم ورفع المعنويات هي الجو الذي يحتضن الأبناء، مع التوجيه لتنظيم الوقت واستثماره بالشكل الأمثل دون إهمال جوانب الحياة المختلفة فهناك وقتٌ للدراسة ووقتٌ للعب فلا يُلغي أحدهما الآخر.

وإنَّ الاستعداد المبكر للامتحان، وذلك من خلال تنظيم الأهل لوقت الدراسة لأبنائهم، وتقوية الجوانب الإيجابية لديهم، وتعزيز قدرتهم بالاعتماد على النفس، يُقلل من نسبة التوتر والقلق ويمنحُ همةً عالية وثقةً بالنفس وتفاؤلاً بالنجاح ويجعل الامتحان مرحلة عادية يمرُّ بها كل طالب؛ وإن ذلك الخوف والتوتر والقلق غير المبالغ فيه، أمر طبيعي وصحي، وقد يكون دافعاً مهماً للاجتهاد والمراجعة.

إن شعور الخوف قبل الامتحان بالنسبة لجميع الطلاب أمر طبيعي وظاهرة نفسية صحية كما أسلفتُ على أن يكون بشكل معتدل، ولعلاج الخوف من الامتحان يجب على الآباء أن يزيدوا تقربهم من أبنائهم بالمودة والحب اللازمين، لكسب ثقتهم، فهم يشكلون جانباً مهماً في التخفيف من حدة القلق والتوتر من خلال توفير أجواء دراسية مناسبة.

ومن هنا يمكن أن نشير إلى مسؤوليات الأهل والطالب قبل وأثناء الامتحانات حيث يقتصر دور الأهل على توفير بيئة مادية ومعنوية تشجع الطالب على مراجعة دروسه، والبعد عن العوامل التي تؤثر سلباً فيه من ضوضاء ومنغصات، بالإضافة إلى الاهتمام بالغذاء الصحي ونوعية الأطعمة – ما أمكن – كونها تلعب دوراً مهماً في التفكير السليم.

ومن المسؤوليات التي تقع على عاتق الطالب الاستعداد الجيد للامتحان، والتركيز في دراسة المقررات قبل الامتحان بوقت مناسب، وأن يُدرب نفسه من خلال وضع مجموعة من الأسئلة للمقرر الذي يدرسه، والذي من شأنه أن يقلل من حدة القلق والرهبة لديه.

وأن يهتمَّ بتهيئة مكان الدراسة وأن يتجنب وضع الكتب الكثيرة على طاولة الدراسة، حرصاً على عدم انتشار الفوضى من حوله التي تشتت تفكيره وتشوش عقله، وأن ينظم وقت مراجعته للدروس، مع أخذ قسط من الراحة “فاصل مُنشّط” لمدة نصف ساعة أو أكثر وتخصيص وقت مناسب للدراسة.

وختاماً أقول لأبنائنا الطلبة: ليكُن حُسن الظن بالله تعالى رفيقكم في دراستكم، ولتكن الطمأنينة روح كل أعمالكم فهي الوريثُ الشرعيُّ للعمل الجاد والأثر الإلهي في تقلبات الفؤاد، وهي عنوان حياة الناجحين وصفحاتُ أيامِ الـمُحسنين.

  بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار