الحرفي حجازي .. آخر مبيض نحاس في حرفة على أبواب الاندثار.

الجماهير || أسماء خيرو.

دكانه البسيطة الخالية من الأواني النحاسية إلا فيما ندر كانت أصدق على وصف حال مهنته التي آلت إلى الانقراض بفعل عوامل كثيرة .

يمارس الحرفي يحيى حجازي مهنة تبيض الأواني النحاسية منذ نعومة أظفاره نتيجة إصرار من والده الذي فضل أن يورثه المهنة على تعليمه مهنة أخرى .

* مذكرات .

فيما يشبه السرد القصصي يعود الحاج حجازي بالذاكرة ليخبر #الجماهير خلال حديث معه داخل دكانه في سوق النحاسين في حلب القديمة عن أمجاد مهنة والده وأجداده التي كانت فيما مضى تزدحم بالزبائن وتشتاق للراحة ، وكيف امتهن الصنعة من أبيه ، ولم يكن ذلك فقط بل سرد لنا كيف كانت تتم عملية التبيض بوضع الآنية في حفرة والدوران لتبيضها ، وكيف تطورت المواد المستخدمة في عملية التبيض من روح الملح وحمض الكبريت ، القصدير ، وأسيد البطاريات والنشادر مركزا جل اهتمامه في التعبير عن مأساته الذاتية من احتمالية انقراض مصدر رزقه الوحيد .

* آخر مبيض.

يقول الحاج حجازي : كنا نشتاق للجلوس دون عمل ،فالزبائن كانت لاتعد ولا تحصى ، ولكن الحال اليوم اختلف 180درجة ، المهنة لم تعد كما كانت ، شيئا فشيئا تتلاشى ، تنقرض نتيجة التطور واستبدال الأواني النحاسية بأواني الألمنيوم والغرانيت ، مهنة والدي لم يتبق منها شيء سوى الذكريات ، ماعليكم سوى التجول في سوق النحاسين والسؤال عمن يعمل في هذه المهنة ؟ ستأتيكم الأجوبة بأن الحرفي حجازي الملقب “بأبو إبراهيم ” آخر من بقي متمسكا بالعمل بها في سوق النحاسين من أصل 5 حرفيين كانوا يعملون بها.

الحرفي حجازي اليوم مضطر للتخلي عن مهنة أجداده التي منعتها عوامل كثيرة من الركض لمواكبة تطور الحياة بعد عقود من الازدهار كونها أصبحت عاجزة عن توفير العائد المادي الكافي لتأمين احتياجات عائلة الحرفي أبو ابراهيم.

* البلاء من الغلاء .

يقول الحرفي حجازي : “لو أن يدكم بالعمل لكنتم وجدتم لي العذر” ، أعرف أن التخلي عن المهنة ليس قرارا سهلا ولكن ” ليس باليد حيلة ” الوضع بات مأساويا عائدها المادي لا يسد حتى الرمق ، وذلك نتيجة أن 99 بالمئة ممن كانوا يستخدمون الأواني النحاسية لم يعد يستخدمونها لغلاء ثمنها إذ وصل كيلو النحاس إلى 125 ألف ليرة سورية ، فضلا عن غلاء المواد التي تستخدم في عملية التبيض إذ ارتفعت أسعارها بشكل جنوني ، وعلى سبيل المثال مادة القصدير كنا نشتري الكيلو ب 12 ألف ليرة سورية اليوم وصل ثمن الكيلو إلى 450 ألف ليرة وعليه المهنة ستنقرض عاجلا أم آجلا ، وهذا مصير لا مفر منه .

*على أبواب الاندثار .

ويضيف الحرفي حجازي قائلاً :حال المهنة يتردى يوما بعد يوم ، أيامها باتت معدودة ، وأفق حياتها شارف على الانتهاء ، تمر علي الأسابيع والشهور أجلس أمام الدكان دون عمل ، ففي أفضل الأحوال أقوم بتبيض قطعة نحاسية واحدة لا أكثر كل” حين ومين ” وبهامش ربح قليل من أجل الحفاظ على مصلحة أجدادي لا أكثر مبينا بأن المهنة لن يكون لها مكان في المستقبل حتى أنه لم يفكر بأن يورثها لأبنائه مع أنه مازال يعمل بها وبحدود ضيقة جدا .

======

بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام

https://t.me/jamaheer

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار