هل عجز الحلبيون عن تأمين شربة ماء باردة ..وكيف السبيل الى حفظ الطعام في ظل الظروف المعيشية الصعبة ..؟!
الجماهير|| محمد الحسين
يسعى أهالي حلب التحايل على الأوضاع المعيشية الصعبة لتأمين مياه شرب شبه باردة إلى حد ما، وحفظ طعامهم من التلف ، وذلك بطرق بديلة مختلفة، لا تحتاج إلى التيار الكهربائي.
ويأتي ذلك من أجل التغلّب على الظروف التي يعاني منها أهالي حلب، وهي عدم وجود الكهرباء بعدد من الأحياء ، في ظل ارتفاع الحرارة و سعر الأمبيرات، وارتفاع تكلفة الطاقات البديلة “الطاقة الشمسية”، كما وأن أسعار قوالب البوظ المثلّجة بات سعرها يشكل عبئاً ثقيلاً على بعض العوائل الحلبية.
» كيفية تأمين المياه الباردة
أبو طارق – 64عاماً- وهو صاحب عمل حر، ويعيش في حي الهلك الشعبي شرق حلب، أجاب ساخراً لصحيفة الجماهير: “الشرب من الحنفية لا يشكي من شيء، بالرغم من إنها فاترة ولكنها لذيذة جداً مقابل ظروفنا المعيشية في الوقت الحالي، وفي الحقيقة لا أخجل القول بأن المياه الباردة أصبحت من الكماليات بالنسبة لي ولعائلتي، لأن الحصول على كاسة مياه باردة أصبح أمراً بغاية الصعوبة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها”.
وأشار أبو طارق إلى أن: “هناك صعوبات ومعاناة يواجهها معظم الناس بحلب وأنا واحداً من بينهم في تأمينهم مياه باردة، ويرجع ذلك لأسباب ما، منها مواصلة انقطاع التيار الكهربائي لساعات عديدة، وذلك يعدّ أحد الأسباب المهمة لعدم توافر المياه الباردة في بيتنا،”.
وأضاف أن: “ارتفاع أسعار ألواح البوظ “القوالب الثلجيّة” هي من الأسباب التي تساهم في حرماننا من المياه الباردة .
من جانبه اوضح المدرس حسين رجب – 37 عاماً – والذي يسكن في حي الأحمدية شرق حلب أن: “عدم وجود التيار الكهربائي بالمطلق في مساكن هنانو هو أحد أهم الأسباب لعدم توافر المياه الباردة وهنا في الأحياء والحارات الشعبية يعاني جميع الأهالي من شح المياه المبرّدة”.
» البدائل ..؟!
وعن البدائل المتاحة لمواجهة موجات الحر القاسية التي تمر على البلاد بيّن أ. رجب أن: “الطاقات البديلة أصبحت هي الحل الأمثل لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة والمعاناة التي نواجهها، سواء في تبريد المياه، أو للحفاظ على الطعام، وأنا شخصيًّا قمت بتركيب طاقة شمسية في حوش والدي العربي لأنني أعيش أنا وزوجتي وابنتي معهم، وذلك هو أفضل حل في ظل ارتفاع أسعار قوالب البوظ، لأن مرتّبي الشهري لا يكفي لشراء قوالب البوظ والطعام والمتطلبات المعيشية”.
ولفت أ. رجب إلى أن: “الطاقة الشمسية تساعدنا في حفظ الطعام لكي لا يُتلف، لأن اليوم مكونات أبسط طبخة أصبحت تكلف جداً، لذا أرى أنها أفضل الوسائل والطرق إفادة لأية عائلة”.
وأشار إلى أنه : “عندما تقف الطاقة الشمسية عن العمل، أقوم بتعبئة قارورة مياه، وألفّها بقطعة مصنوعة من الصوف أو القطن مبللة بالمياه وأضعها على الهواء لأحاول تبريد المياه، وبالرغم من أن تلك الطريقة قديمة وتذكرنا بأجدادنا إلا إنها ظريفة وفعّالة في الظروف الحالية”.
» تكاتف وتعاضد ..
ولفت إلى أنه : “أحياناً هناك بعض الأشخاص من أهل الخير وأصحاب المنشآت والمشاريع التجارية يقومون بمبادرة توزيع قوالب البوظ بشكلٍ مجاني على الأهالي هنا في بعض الأحياء بجوارنا، وأنا أرى في حال يتم تكرار تلك المبادرة لن يبق أحد يعاني من العطش وشح المياه الباردة بحلب”.
بدورها أم حمود البالغة 56 عاماً، وهي ربة منزل تعيش في حي الشيخ فارس شرق حلب قالت لصحيفة الجماهير: “الشكوى لغير الله مذلّة، نحن لم نعاني فقط، وإنما وضعنا المعيشي تحت الصفر، وبصراحة مطلقة أصبحنا نشتهي رؤية كاسة المياه المرطّبة، وبدايةً أنا لا أملك براد كهربائي في منزلي، ليساعدني على تبريد المياه، وفي حال تواجده، ساعات تقنين الكهرباء طويلة في هذا الحي”.
وأوضحت أم حمود: “لا أستطيع دفع اشتراك أمبير لتبريد المياه وذلك نتيجة سعره المرتفع بالنسبة لي ولا استطيع تحمل مصاريف مادية كبيرة، وأنا ليس لدي معين غير الله، لأن زوجي متوف منذ سنوات عدة، وأهل الخير هي التي تساعدني وتساعد نجلي حمود، لأن لديه حالة مرضية هي غسل الكلى، إذ لا يستطع أن يعمل ليعالج نفسه وليصرف علينا أنا وعائلته وأطفاله”.
وأضافت أم حمود: “نحن نحتار في كيفية تأمين خبزنا اليومي، إضافة إلى أن ابني حمود يحتاج أسبوعياً إلى إبرة علاج سعرها 45 ألف ليرة سورية، فكيف سنستطيع تحمل تكاليف إضافية تساعدنا في تأمين مياه باردة”.
وفي سياق الحديث ما الحلول التي تلجأ إليها الحاجة أم حمود لحصولها على كاسة مياه باردة أوضحت أن: “في بعض الأحيان وليس بشكل دائم لأحصل على مياه باردة لأحفادي الذين لا يدركون الوضع الذي نعيشه، رغم أنه لا نستطيع تحريك ساكن بسبب الظروف المعيشية والغلاء، أقوم بتعبئة قوارير مياه وأضعها عند جيراني الذين لديهم برادات كهربائية، بالإضافة إلى وجود الأمبيرات في بيوتهم، ولكن بصراحة اتكالنا على مياه الحنفية، رغم إن مياهها الساخنة لا تطاق ولكنها، أرحم من الغلاء، وكما يقول المثل بياع المي عطشان”.
وبينما السيدة فاتن محمود البالغة 32 عاماً، وهي ربة منزل تعيش في حي مساكن هنانو شرق مدينة حلب، في سياق متصل أوضحت أنه: “بالرغم من أن اشتراك الأمبير مكلف جداً، إلا أن اتكالي عليه انا وعائلتي، وفي الحقيقة عدد ساعاته قليلة إذ يأتينا الأمبير من الساعة 7 لغاية 11 ونص مساءً، وهذا ليس كاف، إضافة إلى أن سعر الأمبير الواحد يصل بالأسبوع الواحد إلى 20 ألف ليرة سورية، ولكن هذه هي الطريقة المتوافرة لدينا لتبريد المياه”.
بدوره أبو تيم الذي يعمل في محل للحلاقة الرجالية البالغ 35 عاماً، والذي يعيش في حي مساكن هنانو الشرقي قال إن: “شراء قوالب البوظ ووضعها ضمن الترمس المخصص للحفاظ على درجة برودة المياه بالنسبة لي هو الحل الأمثل لأن معظم الطرق، والوسائل الأخرى التي يستخدمها الأشخاص غير مجدية حقيقةً ولا يمكن ضمانها بشكل يومي، ولكن لا أخفي بأنني لا استطيع شراء قالب البوظ بشكل يومي، لأن سعره غال، لذا في حال كانت أحوالي المادية ميسورة الحال أقوم بشرائه، وإن كانت ميزانيتي لا تتحمل لا أشتريه حقيقتاً والبديل يكون مياه الحنفية أقوم بفتح صنبور المياه قليلاً وأتركه لتبرد المياه إلى حد ما مقبولة للشرب، رغم أنني أدرك بأن هذا إسراف وهدر للمياه ولكن ليس لدينا حل آخر”.
من جهتها أوضحت سيدة فضّلت عدم الكشف عن اسمها: “أفضل الأواني المصنوعة من الفخار، وأنا أستخدم الفخارة لتبريد المياه وسعرها بالنسبة لي يناسبني وأرى بأنها توفر تكاليف إضافية مقارنة بالوسائل والطرق الأخرى لتبريد الماء، وأستخدم عدة أواني مصنوعة من الفخار منها أواني الطهي، والجرة “الخابية” التي تساعدني على حفظ المونة وبعض المواد الغذائية مثل السمنة، وفي العموم الأواني الفخّارية مفيدة صحياً ووفيرة في نفس الوقت”.
» الأواني الفخارية تستعيد ألقها ..
باتت الأواني المصنوعة من الفخار تستعيد ألقها من جديد، وتشهد الأسواق لتلك الحرفة إقبالاً كثيفاً من قبل الأهالي لشراء الفخارة “كوز الماء”، التي أصبحت بديلاً مهماً للتغلب على انقطاع الكهرباء، والأمبيرات، وارتفاع أسعار قوالب البوظ، ووصلت نسبة الإقبال إلى حد كبير وذلك يرجع – كما رأى اختصاصيون – لها منافع صحية عديدة منها تعيد الطاقة الإيجابية للمياه، كما وتساعد في الحفاظ على مستوى الحموضة، وتحد من مشاكل المعدة، كما إنها تساعد على تبريد المياه وحمايتها .
» أسعار البوظ ..؟
يبلغ سعر قالب البوظ المثلّج ما بين 16 إلى 20 ألف ليرة سورية، وربع لوح البوظ يصل مابين 3 إلى 5 آلاف ليرة سورية، وتلك الأسعار ماسبب ارتفاعها، يرجع – أصحاب الحرفة – ذلك لجودة المياه، وجودة التبريد، وتكاليف النقل من المنشآت الصناعية والتي تصل إلى 200 ألف ليرة سورية في الواحد، بالإضافة إلى أجور العاملين، وإيجار المحل وغيرها، بحسب قول بائع لقوالب البوظ في حي المعري بحلب، والذي تحفّظ على ذكر أسمه.
» دهاليز الحرفة ..
أوضح صاحب محل صناعة حرفة الفخار السيد بكري كركوش الذي يزاول المهنة منذ عام 1967 الذي توارثها عن أجداده في شارع بارون بحلب.
وبين للجماهير أنه يبلغ سعرها “كل فخارة يختلف سعرها عن الأخرة وذلك يرجع لنوع التربة المستخدمة في الصنع، وكمية الوقت المستغرق في طبخها، بالإضافة إلى حجمها وشكلها الخارجي وزخرفتها إذ كل ذلك له دور في تحديد سعرها، ولكن وسطياً يصل سعر الفخارة التي تخزّن لترين من الماء إلى 20 ألف ليرة سورية”.
======
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام