بيانكا ماضيّة
كالحلم أتوا، كزغردات أمهات الشهداء لحظة استقبال أبنائهن، كرجع صدى (الله أكبر) في فضاء سورية وفلسطين، كلحن كنعاني عزف لحظة بدء الوجود.
كأسطورة تكتب معانيها الرمزية على رقيمات الأرض الفلسطينية، تحفرها بفنيّة عالية لتبقى إرثاً لكل الأجيال، أسطورة عنوانها: طوفان الأقصى، ونصّها سطور مكتوبة بنيران أبطال المـ.ـقاومة.
ولم تدم ساعات الحزن على ارتقاء شهداء الكليّة الحربية في حمص حتى جاء ذاك الطوفان الذي دمّر وحرق وأخذ بالثـ.ـأر، وأي طوفان هذا يحمل معانيه في اسمه، وبتوقيت دم الشهداء الذي لم يجف.
خمسون عاماً والطعنة التشرينية باقية في الجسد الصهـ.ـيوني للذكرى، ذكرى السادس من تشرين، حتى جاء التوقيت الذي سيبقى وشماً في الذاكرة الصهـ.ـيونية، السابع من تشرين الأول، توقيت بدء الطوفان الذي غمر الأخضر واليابس.
طيور أبابيل في فضاء فلسطين، كالحلم، كالوحي، كإشراقة شمس في ليل حالك هبطت من العلياء، فأشعلت الفضاء بذهول الفرح الذي لطالما أشعلت شموعه قلوب أمهات الشهداء.
طيور تحمل معها الثـ.ـأر لآلام وأحزان وتشريد وتهجير عمره ستة وسبعون عاماً، تحمل الانتقام لكل من اغتـ.ـالته اليد الصهيـ.ـونية الآثمة، تكتب تاريخاً جديداً في صفحة هذا الوجود، سجّل أيها الصهـ.ـيوني الرعديد: في السابع من تشرين الأول دحرتنا معركة طوفان الأقصى!.
الروح الصهـ.ـيونيّة العنصـ.ـريّة التي عربدت طيلة عقود سبعة، تخنقها ملحمة الطوفان حتى إزهاقها. العنجهية الكاذبة لأسطورة الجيش الذي لا يقهر، قهرتها بسالة أبطال خلقوا لهذا الطوفان، وعاهدوا الله أن على هذه الأرض ما يستحق الموت لأجله: نصوص عشتار، برتقال يافا، غبار التغريبة، ومفتاح القدس.
وأن على هذه الأرض ما يستحق هدمه: الجدار.