الجماهير || محمود جنيد
تعتبر الحدائق والمتنزهات متنفساً طبيعياً وأماكن حيوية بأغراض وظيفية وجمالية يلوذ إليها الناس، للركون إلى الراحة النفسية و الجسدية والهروب من ضجيج الحياة وملوثاتها بشكل عام؟
في حين تكمن المفارقة في الحديقة المتموضعة كجزيرة وسطى ممتدة من مفترق طرق إشارات الملاعب نزولاً حتى إشارات سيف الدولة، إذ تحيط بها مولدات الأمبير التي تبعث الضجيج وتنفث الدخان الخانق إضافة للانبعاثات والنواتج والتلوث البصري والسمعي .
ورغم كل ما سبق هناك من يرتاد المكان الذي يشبه كل شي إلا الحديقة – نظراً لغياب الاهتمام وكل المقومات الأخرى – وبررت سيدة خمسينية ذلك بأنه المتوفر و الأقرب إلى سكنها الموحش المظلم لأنها غير قادرة على دفع فاتورة الاشتراك بخدمة الأمبيرات، وبينت سيدة أخرى بأن واقع ما يسمى بالحديقة التي لا تتوفر فيها الخدمات، أو أبسط الأسس من نباتات و أشجار وزهور وما إلى ذلك مضيفة بأنها تقضي بعض الوقت مع أولادها الصغار نزولاً عند رغبتهم للعب بألعاب الحديقة غير الآمنة حسب قولها، وأضافت رفيقتها بأن البقعة التي تتركز فيها المراجيح تتحول إلى مغطس وحل شتاءً و الكراسي معظمها محطم، و واقع النظافة مزرِ؟
وينفي أبو عبدو عن المكان صفة الحديقة لأنها تفتقد لجميع المقومات، مضيفاً بأنه يرتاد المكان يومياً لتناول زوادته في فترة الراحة من العمل عصراً، وطالما تمنى وهو يتجول بنظره في المكان بأن يلق الاهتمام و الرعاية، و أهم شيء هو إزالة أشغالات مولدات الأمبير عن محيط المكان لأنها تتنافى مع طبيعته وماهيته.
هذه الحديقة تذكرنا بنموذج مشابه لايزال يعاني ، وهي حديقة الوحدة في حي القاطرجي إحدى الحدائق ضمن خطة التعافي التي تم تأهيلها بجهود تشاركية من جهات عدة أهلية ورسمية وأممية، وخلال مراسم الافتتاح التي تحدث فيها المعنيون عن دور و أهمية هذا المتنفس للناس، كانت في الوقت ذاته انبعاثات مولدات الأمبير المتمركزة على أسوارها تخيم في المكان.!
ولا تزال المولدات تكتم على أنفاس زوار الحديقة بانتظار الحلول المرجوة من الجهات المعنية ..؟