“حبات اللولو”: إبرة وألوان تحفظ للنساء في حلب عيشاً كريماً وتُحيي تراثهن

الجماهير || عتاب ضوحي..

في قلب مدينة حلب، حيث تحكي الجدران المُنهَكة قصص الحرب والتهجير، انطلقت مبادرة إنسانية من مركز “حبات اللولو” لتحويل المهارات التراثية لنساء المدينة إلى مصدر عيش كريم، ومنبع أمل يعيد لهن الشعور بالقوة والاستقلال.

المبادرة، التي تُشرف عليها المهندسة “جهان سمان”، تركز على تدريب نساء الأحياء القديمة المتضررة — مثل الجديدة والفرافرة والبياضة وباب النصر — على حِرف تراثية يدوية عالية القيمة الفنية والتسويقية، كالتطريز والخط العربي والرسم على الخشب. الهدف ليس فقط الحفاظ على الموروث الثقافي، بل تحويله إلى جسر يعبرن به نحو الاستقلال المادي والمعنوي.

من الهامش إلى الصدارة

يستهدف المشروع الأرامل والمطلقات وربات الأسر اللواتي فقدن معيلهن، إلى جانب الشابات العاطلات عن العمل، سواءً كنّ متعلمات أو غير متعلمات. كما يفتح أبوابه للحرفيات اللواتي يحتجن إلى تطوير مهاراتهن لتسويق منتجاتهن بشكل أفضل.

أثر يتجاوز المال

توضح “سمان” أن المشروع غيّر حياة المشاركات على مستويات متعددة؛ من تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالإنجاز، إلى تمكينهن من اتخاذ قرارات مالية وأسرية أكثر استقلالية. كما ساهم العمل الجماعي في الورش في بناء شبكة دعم متبادلة بين النساء، وكسر عزلة الحرب، وتعزيز روح المبادرة والمشاركة المجتمعية.

مشاريع صغيرة.. وقاطرة تنمية

بحسب القائمين على المبادرة، تُعد المشاريع الصغيرة في سوريا بارقة أمل لإعادة إعمار مجتمعات مزقتها الحرب، خاصة عندما تعتمد على منتجات تراثية عالية الجودة.

قمر الدرويش إحدى المستفيدات، التي حوّلت مهارتها في التطريز إلى مشروع خاص يُدرّ عليها دخلاً ثابتًا. وكذلك غيثاء الحلي التي تخصصت في صناعة حقائب الخيش المطرزة، وجهان مكانسي مدربة الريبان، ووجود مكتبي المتميزة بأعمال “الأيتامين” اليدوية. جميعهن يشهدن على أهمية امتلاك المرأة لمهارة تُحقق لها الاستقلال وتُرضي طموحها.

تحديات تواجه الإنجاز

رغم النجاح، يواجه المركز تحديات عدّة، أبرزها:

1. التحديات الاقتصادية:

– ارتفاع أسعار المواد الخام المحلية والمستوردة.

– ضعف القوة الشرائية في السوق المحلي.

– منافسة المنتجات المستوردة الرخيصة أو المقلدة.

2. التحديات اللوجستية:

– انقطاع الكهرباء وارتفاع تكلفة المولدات.

– صعوبة النقل داخل أحياء حلب القديمة.

– محدودية وصول المنتجات إلى الأسواق.

3. التحديات الإدارية:

– تعقيد إجراءات ترخيص المشاريع الصغيرة.

– الحاجة إلى تمويل لضمان الاستدامة.

– صعوبة إيجاد مدربين متخصصين في الحرف النادرة.

4. التحديات الاجتماعية:

– العادات التقليدية التي تقيد مشاركة المرأة الاقتصادية.

– الضغوط النفسية المترتبة على آثار الحرب.

5. تحديات الجودة:

– ندرة المواد الخام عالية الجودة.

– تقليد المنتجات المحلية الأصيلة.

كيف يمكن دعم هذه المشاريع؟

توصي “جهان سمان” بـ:

– توفير قنوات تسويقية أوسع.

– تسهيل الحصول على التمويل.

– تحسين البنية التحتية والتدريب.

– التشبيك مع المؤسسات الداعمة.

– توثيق الحرف اليدوية وحمايتها من التقليد.

الخاتمة

في النهاية، تحوّلت إبرة التطريز والخيوط الملونة إلى سلاح جديد بيد نساء حلب — سلاح يُحارب الفقر واليأس، ويصنع من المعاناة قصص كرامة وإصرار. ففي كل غرزة، إرادة حياة.

 

#صحيفة_الجماهير

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار