أولويات السلم الأهلي في سوريا… حوار مجتمعي في جامعة حلب لبناء مستقبل متماسك قائم على السلام والتعايش

الجماهير || أسماء خيرو..

سعيًا لاستعادة تماسك النسيج الاجتماعي السوري وبناء مستقبل قائم على السلام والتعايش، احتضن مدرج النصر بجامعة حلب جلسة حوارية بعنوان “أولويات السلم الأهلي في سوريا”، نظمتها وحدة دعم الاستقرار بالتعاون مع الأمانة العامة للشؤون السياسية بالجامعة.

وناقشت الجلسة الحوارية، التي أدارها مُنذر السلال بفعالية، محاور أساسية لبناء السلم الأهلي. حيث تطرق المشاركون بالتناوب فيما بينهم إلى مفهوم السلم الأهلي وأهميته ونشأته، وإلى الدور المحوري للخطاب الديني والمجتمعي في نشر قيم التسامح والتعايش، مشددين على ضرورة نبذ خطاب التطرف والكراهية، وأن يكون الخطاب الديني داعيًا للوحدة والاعتدال، وأن يعكس الخطاب المجتمعي قيم الاحترام المتبادل والتنوع.

وفي محور “التنوع المجتمعي كقوة للتماسك لا للتفكك”، استعرض المشاركون كيف يمكن للتنوع الثقافي والديني والعرقي في سوريا أن يكون مصدر قوة وتماسك، وليس سببًا للتفكك، مع التأكيد على أهمية فهم وتقدير هذا التنوع، وتحويله إلى عامل بناء للنسيج الاجتماعي من خلال تعزيز الحوار بين المكونات المختلفة.

أما فيما يخص محور “الإعلام ودوره في السلم الأهلي”، فقد سلط المشاركون الضوء على مسؤولية الإعلام في تشكيل الوعي المجتمعي، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الخطاب الإعلامي محايدًا وداعمًا لقيم السلام والتعايش، وتجنب الخطابات التي تثير النعرات أو تساهم في تأجيج الصراعات.

وانتقل الحوار بين المشاركين إلى دور القانون في حماية السلم الأهلي، وخاصة القوانين التي تجرم خطاب الكراهية والتطرف، مبينين أن المجتمع السوري، ببساطته وعقيدته وتنوعه، مجتمع متعايش مع بعضه البعض. كما شددوا على أن الدولة في مرحلة تأسيس، ويجب أن تكون حامية للمجتمع بشكل كامل، مشيرين إلى أن النظام السابق استغل قضية الأقليات لتحقيق أهدافه.

واعتبر المشاركون أن بناء الثقة بين المواطن والدولة حجر الزاوية في تحقيق السلم الأهلي المستدام، مؤكدين على ضرورة قيام الدولة بدور فعال في بناء هذه الثقة مع مواطنيها من خلال الشفافية والعدالة واحترام الحقوق، وتوفير بيئة آمنة تضمن المشاركة الفعالة للجميع.

ولفت المشاركون إلى أن بناء السلم الأهلي في سوريا مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر جهود الأفراد والمؤسسات الدينية والمجتمعية والإعلامية والتعليمية، مؤكدين أن السلم الأهلي بات خطوة مهمة نحو استعادة النسيج الاجتماعي المتين، وبناء مستقبل أكثر سلامًا واستقرارًا لسوريا.

من جهته، شدد الدكتور عبد الحميد عواك، عضو لجنة الإعلان الدستوري ومستشار في وحدة دعم الاستقرار، على أهمية الإعلان الدستوري كإطار قانوني يضمن حقوق جميع المواطنين ويعزز المساواة، مؤكدًا أن بناء السلم الأهلي يبدأ من احترام التنوع وتضمين جميع المكونات المجتمعية في عملية صنع القرار.

بدوره، أوضح الدكتور محمد نور حمدان، المتخصص في الشريعة الإسلامية، الدور الحيوي للخطاب الديني المعتدل في تعزيز الوحدة والتسامح، مستشهدًا بالشريعة الإسلامية السمحة التي تدعو إلى التعايش السلمي واحترام الآخر.

ومن جانبه، أكد الأب أنطوان فرح، منسق اللجنة الكاثوليكية للتنشئة الوطنية، على المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق رجال الدين في إعلاء كلمة المواطنة وغرس قيمها في نفوس الأجيال، حيث رأى أن التنشئة الوطنية السليمة لا تكتمل إلا بغرس قيم المحبة والتعايش المشترك بين جميع أبناء الوطن.

وبين الأب فرح أن التنوع هو ثراءٌ حقيقي وليس ضعفًا، داعيًا إلى خطابٍ أسمى يتجاوز الانقسامات، خطابٌ يضع “سوريا” فوق كل اعتبار، ويشجع على محبة الإنسان كإنسان. كما أشار إلى الدور المحوري الذي تلعبه الكنيسة في جمع أبناء المجتمع السوري ليكونوا يدًا واحدة في بناء المستقبل الذي يطمحون إليه، ورسم ملامح سوريا التي يصبون إليها.

#صحيفة_الجماهير