عندما تسخر السلطة من الشعب… سقوط الأسد وانكشاف الواقع

يوسف حاج أحمد..

في المشهد السياسي السوري، مرت كثير من التصريحات والمواقف التي كشفت عمق الفجوة بين السلطة والشارع. لكن التسريبات التي ظهرت عبر قناة “الحدث” كانت نافذة على عقلية حكمت البلاد بالاستهزاء والاستخفاف. ما قيل عن الغوطة ومساجدها وسكانها من قبل المجرم بشار الأسد ولونا الشبل لم يكن مزاحاً عابراً، بل كان تعبيراً عن ذهنية لم تر شعبها شريكاً، بل رأته مادة للسخرية وأداة لحماية السلطة.

 

الغوطة، التي شهدت سنين من الحصار والدمار والخسائر، تحولت في تلك الأحاديث إلى موضوع سخرية واستهزاء علني، كأنما ما حل بها ما هو إلا فصل من كوميديا سوداء. النبرة المطمئنة التي تحدث بها الأسد ولونا الشبل كشفت أن الاستهزاء أصبح ممارسة طبيعية داخل غرف القرار، وأن أي من الدماء أو التضحيات لم تكن سوى أرقام تنسى خلف تصريحات منمقة عن السيادة والاستقرار.

 

لكن اليوم تغيرت المعادلة: حكم بشار الأسد قد سقط، وانتهى زمن الاستهتار والاستهزاء بالشعب. سقوطه لم يمس فقط مؤسسة الحكم، بل كشف أيضاً حقيقة الذهنية التي اعتبرت السوريين هامشاً بلا قيمة، وأعاد فتح ذاكرة الغوطة وذاكرة كل ضحايا النظام الذين قتلوا بلا ذنب سوى أنهم عاشوا على أرضهم.

 

البلاد التي تبحث اليوم عن استقرار لا تحتاج إلى أقوال منمقة، بل إلى احترام للناس وللتاريخ وللأماكن الدينية وللتضحيات التي قدمها الشعب. سقوط الأسد البائد هو بداية مواجهة حقيقية لهذه العقلية وبداية طريق نحو العدالة والشفاء الوطني.

 

التسريبات لم تصنع الشرخ، لكنها أعادت إبرازه. وما تحتاجه سورية اليوم ليس تبريراً أو إنكاراً، بل جرأة لمحاسبة الماضي وإجرام النظام البائد، وبناء مستقبل يمكن فيه للناس أن يكونوا شريكاً حقيقياً، لا مادة للسخرية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار