في اليوم العالمي للسياحة..الخبيرة كابرئيليان: المقومات الثقافية والمهرجانات.. محركات للاقتصاد السوري في مرحلة التعافي
الجماهير|| عتاب ضويحي..
رغم التحديات التي فرضتها الحرب والظروف الاقتصادية الصعبة، لا تزال سوريا تحتفظ بمقومات سياحية قلّ نظيرها، وفقاً لتوصيف خبراء في المجال. البلد الغني بتراثه المادي واللامادي، يمتلك تنوعًا جغرافيًا وثقافيًا يمتد من أعمدة تدمر وبصرى إلى أسواق دمشق القديمة، ومن قلعة حلب الشاهقة إلى جمال الساحل وعراقة الفرات.
وأكدت الخبيرة الثقافية سونيا انترانيك كابريئليان أن السياحة السورية ليست فقط زيارات لمواقع أثرية، بل “تجربة كاملة تنسجها المهرجانات الشعبية، الأسواق التراثية، العروض الفنية، والحرف اليدوية الأصيلة”.
المهرجانات: نبض ثقافي ومحرك اقتصادي
وبحسب كابريئليان، التي التقتها “الجماهير”، فإن المهرجانات ليست مجرد مناسبات ترفيهية، بل “أدوات حقيقية لتحريك العجلة الاقتصادية وبناء صورة إيجابية عن البلد”. مشيرة إلى أن المهرجانات السياحية “تُحدث حركة كبيرة” من خلال تقديم تجربة غامرة للزائر تعكس تنوع الثقافات والفنون.
واستحضرت الذاكرة الشعبية لمهرجانات مثل معرض دمشق الدولي ومهرجان تدمر ومهرجان المحبة في اللاذقية، التي كانت تمثل “نبضًا ثقافيًا يعكس صورة سوريا الحضارية”، لافتة إلى أنها لم تكن سياحية فحسب، بل “اقتصادية، ثقافية، وإنسانية”، حيث فتحت المجال أمام الحرفيين والمبدعين وعرفت الزوار على التراث الحي.
الحرف اليدوية: من تراث إلى استثمار
وانتقلت كابريئليان إلى الحرف اليدوية التي وصفتها بـ”دعامة أساسية للسياحة الثقافية”، مؤكدة أنها “ليست ديكوراً سياحياً، بل كنز يجب استثماره بشكل ذكي”. واقترحت تحويلها إلى “مشاريع اقتصادية متكاملة” عبر تطوير المنتج ليحافظ على أصالته مع إضافة لمسة عصرية.
ومن الأمثلة على الحرف ذات القابلية السياحية التي ذكرتها: الصابون الحلبي، النقش على النحاس والخشب، صناعة الفخار والموزاييك، الحلويات الشرقية، المنسوجات التقليدية، وحرفة النول. وشددت على أن السياح “لا يريدون مجرد شراء منتج، بل يريدون عيش تجربة”، مقترحة تنظيم زيارات لورش الحرفيين للتعرف على القصة خلف كل قطعة.
دائرة اقتصادية مترابطة
وأوضحت كابريئليان أن المهرجانات والحرف اليدوية تسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي عبر دعم المنتجين المحليين، وخلق فرص عمل، وتحريك أسواق الفنادق والمطاعم أثناء الفعاليات، وتنشيط الصناعات المرافقة كالنقل والتسويق. وقالت: “في كل مهرجان نقيمه نلاحظ كيف تتحرك المدينة كلها… إنها دائرة اقتصادية مترابطة تبدأ بالثقافة ولا تنتهي عند السياحة”.
الاستدامة: إشراك المجتمع وحماية التراث
ولضمان استمرار الأثر الإيجابي، شددت كابريئليان على ضرورة اعتماد نهج السياحة المستدامة، الذي يقوم على إشراك السكان المحليين كمساهمين حقيقيين، وتثقيف المجتمع حول حماية التراث، وتدريب مرشدين سياحيين مؤهلين. معتبرة أن شعور المواطن بدوره في السياحة يجعله يتعامل مع الزائر كضيف، “وهذه الثقافة تصنع فارقاً كبيراً في جودة التجربة السياحية”.
رؤية مستقبلية
في ختام حديثها، عبرت سونيا كابريئليان عن أملها في أن تتحول السياحة الثقافية إلى “ركيزة دائمة في التنمية الاقتصادية بسوريا”، خاصة في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار. معتبرة أن سوريا تمتلك “طاقات بشرية خلاقة، وتراث غني، ومواقع تأسر القلوب”، وأن ما ينقص هو “التخطيط والاستثمار الذكي”. واختتمت بالقول: “السياحة يمكن أن تكون سلاحنا الناعم لنروي للعالم من نحن، بعيداً عن التشويه والأخبار العاجلة”.
#صحيفة_الجماهير